كاتبة سعودية مقيمة في دبي
فُجعت إحدى الصحف البريطانية بأن ثلث طلاب مدارس بريطانيا لا يعرفون شاعرهم الكبير شكسيبر، الذي توفي منذ عام 1616، وقد يكون هذا الخبر جديراً بأن يوصف بأنه فاجعة للتعليم البريطاني، لولا أن هذه الفئة من الطلاب الذين لا يعرفون شكسبير أعمارهم تتراوح بين سن 7 و12، أي لا يزالون أطفالاً، إضافة إلى أن هذه الفاجعة سيتم تلافيها حين يجد الطلاب مسرحاً في مدرستهم يدرب الطلاب على روايات شكسبير، وسيتعلم الطالب حين يكبر أن واحداً من شروط التباهي أمام صديقته أنه يقرأ لشكسبير، أما طلابنا في السعودية الذين لا يعرفون المسرح في مدارسهم فهم يتخرجون في الثانوية، وهم لا يزالون يعتقدون أن المتنبي شارع في مدينة الرياض! ليس هناك أسهل من أن تفتش عما يجهل الناس، فالإعلام كل يوم يحرج المؤسسات التربوية والتعليمية التي تظن دائماً أن المقصود، بما يقدم، أناس غيرها بتحويل جهل الناس إلى برامج كوميدية يضحك الناس عليها ولا يلومون أحداً، كالبرنامج المصري الذي سألت فيه المذيعة الناس في الشارع “ماذا تعرف عن حلف الناتو؟ فقالت إحدى السيدات: هو الحلف اللي بيحلفو الأطباء بعد ما يتخرجوا!” وعندما سألت أخرى عن معنى التدوير وهو إعادة صناعة المخلفات قالت إنه “التدوير عن الناس الضائعة”.
في احتفالات الشباب بمناسبة اليوم الوطني قام برنامج “مقلب وسؤال” بسؤال الشباب “هل تؤيد أن نحتفل بالعيد الوطني مرتين، مرة بحسب التاريخ الهجري ومرة بحسب التاريخ الميلادي، كما في فرنسا؟ فوافقوا كلهم على الفور. وقد زاد المذيع أن سألهم إن كانوا قد قرأوا هذا الخبر، فقالوا نعم قرأناه في صحيفة عكاظ، والمدينة، والرياض وهي أسماء لصحف محلية سعودية، ماعدا شاباً واحداً قال، إنه قرأ هذا الخبر على سفرة الأكل، ربما لأن أهله لا يزالون ممن يستخدم الصحف كسفرة يوضع فوقها الطعام، ولا تزال هذه الطريقة ذات فائدة في قراءة الأخبار، لكن المذيع السعودي ظن أن هياج الاحتفال الوطني هو السبب في عدم تركيز الشباب على السؤال المقلب، ولجعل المقلب أكثر وضوحاً، حوّل السؤال إلى خبر نقل أعلى نافورة في بحر جدة إلى متحف جنيف للمشاركة في عرض منجزات السعودية، وسألهم إن كانوا قد شاهدوا النافورة وهم يمرون اليوم في الشارع، وكلهم قالوا إنهم لم يروها، فطلب منهم أن يوجهوا كلمة للنافورة الذاهبة إلى المتحف، فقام كل شاب بتوجيه كلمة ودع فيها النافورة، قائلاً “نودعك بكل الحزن”، وقال الآخر “الله يعيدك لنا سالمة”، بينما قال الثالث عندما أخبره المذيع أن السؤال مقلب وأن النافورة لاتزال موجودة ضاحكا: “أنت تعرف الشعب السعودي يحب التسليك”، والتسليك وليس التسليف، هو نوع من تسهيل مرور الأشياء مهما بدت غير منطقية.
ليس أسهل من أن يكون جهلنا مادة للضحك والسوالف، لكنك لو حولته إلى مقال نقدي أو بحث منهجي ودعمته بالإحصاء فإن كثيرين يرتابون فيك ويتهمونك بأنك تقود مخططاً غربياً صهيونياً متآمراً كافراً عميلاً علمانياً. الله يكفينا شر الناتو.