«لن يزيد الزمن أحلامنا إلّا ارتفاعاً وشموخاً».. صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم.
في مساء الأحد من كل أسبوع، وحسب ظروف عمله، يقيم الأديب والباحث الأستاذ جمال بن حويرب، ندوات فكرية في مكتبته الملحقة بمنزله، يتحدث فيها أحد المهتمين بالشأن الثقافي في الإمارات، ويتولى الأستاذ جمال نفسه، تقديم الباحث، والمداخلة بلغة معرفية علمية، بجانب مداخلات من الحضور الذين هم في العادة من المهتمين بالشأن الثقافي، كما أشرت، وأحرص شخصياً على حضور هذه الندوات، كلما سنحت لي الظروف والفرص بذلك.
وفي يوم الأحد الماضي، كان اللقاء ممتعاً، حيث استضاف بوعبدالرحمن جمال، المهندس رشاد بوخش، الباحث في الإعمار التراثي، الذي أصبح بما تراكمت لديه من الخبرة والمعارف، في شأن العمارة التراثية، أحد ممن يشار إليهم بالبنان، ليس في الإمارات وحدها، بل في المنطقة الخليجية.
والأستاذ رشاد بوخش، يشغل حالياً منصب مدير قسم التراث في بلدية دبي، وفي رأس المشاركين في التنقيب عن الآثار وتقييمها في منطقة صاروج الحديد، التي اكتشفها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد، قبل ثلاث سنوات، وعرف ببصيرته واهتمامه الثاقبين، بأن المنطقة التي تقع فيها صاروج الحديد، كنز تاريخي وتراث إنساني، خلّفها أهل هذه الأرض الأوائل، منذ الآلاف من السنين. والحقيقة أن الذي اُكتشف من الآثار، حتى الآن، في هذه المنطقة قد لا يشكل 15%، مما هو متوقع وجوده في باطن الأرض، علماً بأن القطع المكتشفة تجاوزت العشرة آلاف قطعة، وهي عبارة عن سيوف ورماح وعملات وأوانٍ وأختام وحليّ… إلخ. ويبدو أن هذه المخلفات الحضارية في منطقة صاروج الحديد، هي امتداد لآثار حضارية في منطقة أم النار في أبوظبي، والمليحة في الشارقة، ما يشير إلى وحدة هذه الحضارات والعلاقة بينها وبين المناطق المجاورة.
وكان حديث المهندس الأستاذ رشاد بوخش، في هذه الأمسية، تَركز على مشاريع إعمار التراث في مدينة دبي ومناطق الشندغة، وبر دبي، وأسواق ديرة القديمة، والتي بدأ العمل في بعضها، ويُجرى التمهيد للشروع في البعض الآخر.
وبالعودة لذكر هذه المشروعات الإعمارية لمبانٍ ومواقع تراثية وتاريخية في دبي، وجعل هذه المدينة، ذات النشاط والحيوية في جميع الحالات، موقعاً عالمياً، يجمع بين الأصالة والحداثة، أي بين تراث الماضي وحداثية الحاضر وإبداعاته المتوالية والمستمرة، وبالعودة إلى ذلك، فإننا نرفع الأكف تحية لرائد هذه النهضة التي نشهدها أينما ولينا وجوهنا شطر معالم هذه الدار، التي يرتاح إليها كل قادم وقاصد، من مشارق الأرض ومغاربها. وهذا الرائد الكبير الذي نقف لتحيته، هو الباني الكبير والمخطط الكبير وذو الرؤية الكبيرة، صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد، الذي هو كما وصف أبوالطيب المتنبي:
كُلَّ يَوْمٍ لكَ احْتِمالٌ جَديدٌ
ومَسيرٌ للمَجْدِ فيهِ مُقامُ
وإذا كانَتِ النّفُوسُ كِباراً
تَعِبَتْ في مُرادِها الأجْسامُ
المصدر: صحيفة الخليج