إلى من يتركون البسمة على أبواب قلوبنا، ويزينون بوجودهم دنيانا، إلى عنوان الخير والتسامح والمحبة في حياتنا.
لم أفاجأ عندما تأبطني وأنا أتكئ على عصاي، لمساعدتي في الوصول إلى سيارتي خارج القاعة التي استقبلنا فيها بحرارة، وهذا شأنه مع ضيوفه، الذين يسعون ويسعدون بالسلام على سموه، وترحيبه المفعم بالمودة والمسرة.
لم يكتف سموه بمرافقتي، بل ساعدني في الجلوس في مقعدي بالسيارة، منحنياً وحانياً ليقبل رأسي، مع دعائه إلى الله تعالى لي بالصحة والسلامة، مرفقاً دعاءه بطلب تكرار الزيارة.
هكذا موقف، بل ما يحويه من سمو الأخلاق والإنسانية المفعمة، قد أثر فيّ كثيراً، فالدنيا مازالت بخير، وهذا وعد الله في خلقه، فستظل الدنيا بخير طالما أن هناك من يسعى فيها برحمة من الله على عباده، فالبر كلمة وفعل، هذا ما تمثل في سموه، وهذا ديدن هذا الرجل، فإن في القرآن آية وهي للإنسان طب، (لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون). والإنفاق ليس فقط في المال، بل في الكلمة والمودة والرحمة، وإن كنت أنسى، فلن أنسى موقفه معي، ووجدت من المناسب أن أشير إليه، اعترافاً مني بمواقفه، على الرغم من معرفتي بأن تواضع سموه لا يحبذ مثل ذكر هذا.
أذكر ذلك اليوم الذي أصيبت فيه زوجتي، رحمها الله، بجلطة، وأدخلت العناية الفائقة، وكنا جميعاً في انشغال بهذا المصاب، وإذا بصوت الهاتف يجلب انتباه الجميع، وإذا بهذا الصوت الحنون يأتيني عبر الهاتف معبراً عن مشاعره، متمنياً لزوجتي أم يوسف تمام الصحة والعافية، وكنا في سبيل ترتيب نقلها إلى الخارج، ولن أنسى قوله لي «أبشر»، موضحاً أن هناك طائرة خاصة مجهزة لنقل المريضة ومن يود مرافقتها إلى الخارج، وقد تم هذا الأمر بسهولة ويسر بفضل من الله سبحانه وتعالى، واختياره سموه لينال هذا الثواب والأجر، بشفاء مريضتنا وظل على تواصل معي خلال وجودي بالخارج للاطمئنان على سير العلاج، حتى وفاتها رحمها الله بعد هذه الحادثة بسنوات.
ولقد كانت مبادرة ووفاء لعلاقة الأخوة والصداقة التي ربطتنا عبر سنوات عديدة، هذا هو نهجه وهذه هي القيم الخيرة التي نشأ وتربي عليها والتي تستحق منا ذكرها إحقاقاً للحق ووفاءً لهذا الرجل، حيث إن له مشاركات في أفراحنا وأتراحنا يشير لها القاصي والداني على امتداد دولتنا الحبيبة من أهل البلاد ووافديها، تلبية منه دونما اكتراث لبعد المسافة أو الانتماء القبلي أو الفئة الاجتماعية، فهو كطائر السعد الذي يسعد بحضوره الجميع، ساعين للسلام عليه والترحيب به. فلا عجب في ذلك، فهذه من شيمه وأخلاقه، والشيخ نهيان وبكل فخر واعتزاز واحد منهم، ولا عجب في ذلك، فقد عرف ببر الوالدين وبات يضرب به المثل في معاملته وبره للمرحوم الوالد الشيخ مبارك آل نهيان، رحمه الله، حيث إنه مثلاً يحتذى في المنطقة، وقصة فريدة ودرس في حسن التربية والأخلاق، خاصة في كيفية تعامل الأبناء مع والديهم، نعتز بها، وسيذكرها تاريخنا كواحدة من قيمنا الاجتماعية التي نعتز بها وستظل نبراساً أمام أجيالنا.
أختم خاطرتي هذه، بالقول إنني سأظل أتذكرأخي وصديقي سمو الشيخ نهيان، متمنياً له مزيداً من التقدم والنجاح في المهام التي تلقى على عاتقه، متمنياً له الصحة والسلامة وتمام العافية.. والله من وراء القصد.
المصدر: الخليج