صحفي وكاتب سعودي
لفت انتباهي صورة بل مجموعة صور لثلة من الصحافيات والصحافيين يركضون بحماس وسباق بعدما حضروا محاكمة بول مانافورت الرئيس السابق لحملة ترمب الانتخابية… يهرعون وكأنهم في ماراثون، والسبب هو تبليغ مؤسساتهم بالخبر ونشره، لأن الهواتف كانت محظورة داخل قاعة المحاكمة.
هذه المناظر تفتح على سؤال قديم متجدد عن دور الصحافة «التقليدية» مقارنة بما يسمى صحافة الفرد على منصات السوشيال ميديا… من هزم من؟
يتبجح النشطاء على منصات «تويتر» و«فيسبوك» وأخواتهما بأنهم هم الأسرع و«الأرشق» في صيد الأخبار والسبق الصحافي بحثاً عن المزيد من المتابعين وتضخيماً وتسميناً للحساب، ومن ثم بيع هذا «الشحم» على المعلنين، بل على جهات حكومية وشبه حكومية.
من هو أو ما هي جهة الخبر الموثوقة؟ فرد ما مهما بلغ من «الشطارة» أم مؤسسة إعلامية مسجلة يحكمها قانون وبها مجلس إدارة وجمعية عمومية ولها ربما أسهم في سوق المال؟
في تصريحات سابقة له قال إمبراطور الإعلام العالمي روبرت مردوخ إنه يجب على شركة «فيسبوك» التي تتحكم في نصيب الأسد من النشاط الإعلاني عبر الإنترنت إلى جانب «غوغل» أن تدفع رسوماً للناشرين إذا أرادت الترويج لأخبار موثوقة ودقيقة عبر المنصة الاجتماعية التابعة لها، وهذا في أعقاب إعلان الرئيس التنفيذي لشركة «فيسبوك» مارك زوكربيرغ أنه سيعطي الأولوية لمقالات المؤسسات الإخبارية ومقاطع الفيديو على أساس استطلاعات المستخدمين حول موثوقية المواقع الإخبارية.
الحق أنه لا يمكن المقارنة – إذا رغبنا الحديث بجدية – بين مسؤولية فرد ما – ربما لا علاقة له بالصحافة ومجال الإعلام – رأس ماله زيادة هرمون النشاط والثرثرة اللامنقطعة على حساباته «السوشلية» من طرف، ومؤسسة إعلامية. بكل الاعتبارات التي ذكرناها قبيل قليل. طبعاً هذا الكلام يغضب من ربح في سوق السوشيال ميديا – يمدح السوق من ربح فيه! – غير أن المثير للأسى أن تجد مؤسسات حكومية هي من تتهافت على أشخاص لا قيمة صحافية حقيقية لهم. لترويج أخبارها و«منجزاتها» بعوض مالي طبعاً.
هذا الحال جعل بعض الصحافيين والصحافيات الشباب يركزون على ترويج ذواتهم في «سنابشات» و«تويتر»… إلخ، على حساب الكد والركض لصالح مؤسساتهم الإعلامية… في دورة قاتلة من التفاهة.
سنظل تجاه هذا المشهد لبعض الوقت حتى ينتصر الصحيح… ففي نهاية النهار.. لا يصح إلا الصحيح!
المصدر: الشرق الأوسط