استحالت ساحات مواقع “التناحر ” الإجتماعي في عالمنا العربي منذ يومين الى “ساحة الفنا ” ؛ فتلك التي تترحم على الفنانة اللبنانية الراحلة “صباح” والآخر الذي يكفرها لمجرد وجهة نظره التي تستقي من أن الرحمة لا تجوز إلا على المسلم !
لم يكتف القدر بنا لكشف الطاغوت الذي نحصره في صدورنا ؛ حتى ارتحل الشاعر اللبناني سعيد عقل عن عمر ١٠٢ عاما بعد ارتحال الصبوحة بيومٍ واحد ؛ قرابة التسعون عاما التي أوسعها شعرا وأدبا واصطفته فيروز حين غنت له قصائد لا يمكن أبدا وصفها إلا بقطعٍ من الفن ؛ ارتحاله كشف للذين اكتفوا بشعره عن مواقفه السياسية بمعرفة موقفه من الفلسطينين وحرب جنوب لبنان وتأييده العدو الصهيوني ذات نرجسية يبدو أنها عبرت بالرجل وازاحته تماماً من الإنسانية وحتى المنطقية !
شتائم ودعاء رصف عالم إلالكترون ووثائق وأدلة ترصد تصريحاته حول صبرا وشاتيلا ؛ وبين المنابر أو حتى ” المناحر” ومرات “الطناجر ” التي كانت تتداول وسم #سعيد_عقل ترى العجب العجاب!
فمن تغريدة تصفه بشاعر الإنسانية وسيد الحرف الأثير الى تغريدة تصفه بالعمالة وأحيانا “الهمالة” !
مضى يومٌ آخر ؛ ووصل الكويت الكاتبة الجزائرية المهمة أحلام مستغانمي التي عرفت وجع العالم العربي المحروم من العاطفة ؛ فأسست علم وبرتكول الخيبات العاطفية واستفادت من رقة الأدب الفرنسي وترجماته ووضعت أعمال ذات لغة أدبية منسوجة بعناية ؛ ارتدت عبايتها السوداء الأنيقة التي قبل أن تضعها في حقيبة السفر تم الهجوم عليها ؛ لمجرد انها غردت حول أنه ليس هناك أسهل من توضيب حقيبة سفر كلها “عبايات” ..
توافد الجمهور المفتون برؤية مرشدته العاطفية أحلام مستغانمي وتم الإستعداد للصور والورد والتوقيع الذي كان يوما عبارة عن قبلة حمراء مطبوعة من فم تلك الكاتبة الجميلة في الشارقة قبل قرابة عامين !
فرحة وما تمت ؛ حيث تدارت الكاتبة من الجمهور الذي “تفطن” لها قبل مجيئها موقفها من الراحل صدام حسين ؛ حين كتبت في “قلوبنا عليهم وقنابلهم علينا” انها تتمنى ان تغسل ثياب صدام ؛ وووصفت الحكام بقلة الحياء على حد كتابتها .
وانسحبت مستغانمي بتغريدة انها لن تقرأ كلمتها وسترسلها للصحف وانسلت لتوقع كتابها الجديد بصورة وبصمت ؛ واثبتنا حينها أننا شعب “ديموخريطي” حتى النخاع .
نحن جميعنا طغاة بنسب متفاوتة ؛ ففي الوقت المناسب سيخرج هذا المقال لي وربما حينها أكون أهم بالحديث عن سماحة الجمهور وطيبته لكن لحين ميسرة او لحين معرض كتاب عربي .. فالأمر في معارض الكتب أصبح كصالونات التجميل .. نوع من الزينة وصورة وفنجان قهوة وتنتهي الأمور الى هنا !
وتبقى الثقافة الحقيقية ” ع الغارب ” و ” سلم لي عليه ”
خاص لـ “الهتلان بوست”