سعيد المظلوم
سعيد المظلوم
ضابط في شرطة دبي برتبة مقدم ، حاصل على درجة الدكتوراة من جامعة سالفورد بالمملكة المتحدة في إدارة التغيير وعلى درجة الماجستير في الإدارة العامة (MPA) من جامعة ولاية أوريجون بالولايات المتحدة الأمريكية، مهتم في مجال الجودة والتميز المؤسسي ، يعمل حالياً مديراً لمركز أبحاث التميز بالإدارة العامة للجودة الشاملة بشرطة دبي

الطالب المبتعث جمال..!

آراء

«ما أكل أحدٌ طعاماً قطّ خيراً من أن يأكل من عمل يده». حديث شريف.

قبل أن أروي قصة جمال لابد أن أقول: لقد التقيت به قبل 12 عاماً عندما زارني وأخي عبدالرحمن في بيتي خلال فترة دراستي للماجستير في مدينة بورتلاند الجميلة، والهدف من الحكاية أن يستفيد منها كل طالب مبتعث للدراسة في الخارج، وكل طالب على وشك مغادرتنا ليعود لنا بعد سنوات قليلة بإذن الله حاملاً شهادة يفتخر بها وأهله. وأعترف اليوم: لو عاد بي الزمان لفعلت كما فعل جمال! فماذا فعل؟

تخرج جمال في الثانوية العامة سنة 1986 بنسبة 89%، ورغب في السفر والدراسة في الخارج أُسْوةً بأقران له أكبر منه سناً عادوا بشهادات وتقلدوا مناصب وأصبحوا رفيعة، ولهذا سافر إلى سياتل التي تقع على الساحل الغربي من أميركا، ومن يغادر وطنه ليغترب لابد أن يتذكر بكل الخير من يستقبله في المطار أول مرة، وكشف لي جمال أن من استقبله كان أخي عبدالرحمن، فأقام أول أيامه مع طلبة من الإمارات ثم التحق بالجامعة وبدأ بدراسة اللغة حتى حصل على شهادة التوفل وشرع في دراسة الهندسة، إلا أنه بعد عام لم يجد شغفه في هذا التخصص، فقام بالتحويل لدراسة «إدارة الأعمال».

جمال كان يحب «الاستقلالية»، لذلك خرج وسكن وحده، وتحت ضغط الغلاء في المدينة وضعف الراتب حينذاك (800 دولار شهرياً) قرّر الانخراط في العمل ليغطي مصاريفه الشهرية دون الاعتماد على أهله. يقول جمال: في البداية شعرتُ بالإحراج؛ فأصدقائي من الطلبة الإماراتيين قالوا لي: «شو كالفنك!»، وأصدقائي الأجانب قالوا: «أنتَ من دولة غنية وتعمل!»، حتى أهلي عندما تناهى إليهم الخبر طلبوا مني ترك العمل «وبنوفيك اللي ناقصنك»! لكني تابعتُ طريقي فعملت في البداية لمدة عامين مع شركة UPS وصرتُ أستيقظ الساعة الرابعة فجراً وأشتري دونت وقهوة، وأقود الشاحنة إلى مركز الشركة لأستلم أظرف البريد وأقوم بتوزيعها حتى التاسعة، لأذهب بعد ذلك للجامعة. بعدها عملت في كافتيريا الجامعة «سلسلة مطاعم فالكون»، التي تعاقدت مع شركة ستاربكس لتزويدها بالقهوة، فحضرت ورشاً تدريبية ممتعة في عمل القهوة، ورحتُ أجمع من عملي هذا ما بين 600 إلى 800 دولار شهرياً، وكان قمة متعتي عندما أحسب البقشيش في نهاية اليوم، وكان يتجاوز أحياناً 20 دولاراً.

جمال الطريفي تعلم الكثير من هذه التجربة، كطريقة التعامل مع الناس، والانضباط، واكتساب اللغة، وإدارة الوقت، وعشق القهوة.. لديه اليوم أربعة فروع من «فيرست أفنيو كافيه».

صحيح أنني أكتب قصة جمال اليوم، لكن جامعته في أميركا سبقتني ليلقي على طلبتها قصة نجاحه.

إنها قصة نجاح ملهمة أساسها حديث الرسول.

المصدر: الإمارات اليوم