على تركيا دارت الدوائر في ليبيا، فبعد شهور طوال على تغذيتها الإرهاب بالسلاح والمرتزقة طمعاً في ثروات الليبيين، وسعياً لتهديد أمن المنطقة، تنادى العالم إلى كلمة سواء، مفادها وقف التدخّل التركي عبر وقف تدفّق الأسلحة وإخراج الميليشيات المتطرّفة التي تعيث في الأرض فساداً.
أجمع العالم كما لم يفعل من قبل، على أنّ الوجود التركي في ليبيا تهديد واضح وصريح لا لبس فيه للجهود المتصلة التي تبذل ومنذ عدة سنوات لإخماد الحريق الليبي، والتوصّل إلى تسوية سياسية تحقّق الأمن والاستقرار في بلد لم يتذوّق طعمهما منذ أكثر من تسع سنوات. تجاوز الرئيس التركي رجب طيب أردوغان كل الخطوط الحمر، باستباحته الأراضي الليبية وجعلها معقلاً للمرتزقة والمتطرفين، وهو الأمر الذي لن يُسمح به، ما يجعل من وقف إطلاق النار والعودة إلى العملية السياسية وطاولة المفاوضات خياراً لا مفر منه، وأنّ الأوهام التركية بدخول سرت والجفرة والاقتراب من الهلال النفطي، لا مكان لها على أرض الواقع.
لقد تلقت حكومة الوفاق ومن خلفها أنقرة ضربة موجعة بموقف إيطالي حاسم، بأن أي خطوات عسكرية في سرت تشكّل خطراً على وحدة البلاد، ومن شأنها أن تؤدي لتفاقم الصراع وتهديد حياة المدنيين. ولم تكد تركيا تفيق من الضربة حتى ضاق الخناق عليها إعلان ثلاثي أضلاعه ألمانيا وفرنسا وإيطاليا، تماهي مع المبادرة الخيرة التي أطلقتها مصر أخيراً، بضرورة تبني الحلول السياسية، بدلاً من تعريض أمن المنطقة والعالم للخطر.
ليست أوروبا وحدها من تشدّد على وقف القتال والعودة إلى الطاولة، فالولايات المتحدة الأمريكية هي الأخرى لا ترى حلاً سوى في استئناف المحادثات ونزع أسلحة الميليشيات، وهو الموقف الذي أبلغته لحكومة الوفاق.
يضيق الخناق شيئاً فشيئاً على المخططات التركية، ففضلاً عن توحّد المجتمع الدولي في مواجهة أطماعه، وسوء نواياه سواء ليبيا أو المنطقة، يشهد الداخل الليبي إجماعاً منقطع النظير على مواجهة العدوان التركي وقطع دابره، إذ إن القبائل الليبية على قلب رجل واحد ومستعدة لدفع كل غال ورخيص للدفاع الوطن، وتقف كما البنيان المرصوص إلى جوار الجيش الوطني في معارك صون السيادة ورد الاستعمار الجديد.
المصدر: البيان