كاتب وإعلامي سعودي
الويل والثبور لمن وقف وأشهر قلمه في أثناء العدوان علي غزة، كانت الدماء تسيل والدموع تنشر من المشرق إلي مغرب وطننا العربي، ولكن يلزم على الجميع الركوب في مركب حماس، ومن يخرج عن ذلك الخط فهو الخائن والعميل والمتصهين، ولكن النتيجة تركت على الرف ولم تناقش وتجرد بحسبة دقيقة عمن بتحمل مقتل أكثر من 1100 فلسطيني، ربما يقول البعض إن إسرائيل هي من يتحمل تلك المسؤولية، ولكن علينا أن نكون واقعيين ونحدد الطرف الذي أدخل الشعب الفلسطيني في تلك المغامرة غير المحسوبة، فأولاً علينا احترام الحياة لأي إنسان، فنحن شهدنا إسرائيل تشن حرباً بسبب مقتل ثلاثة مستوطنين تم قتلهم من قبل حماس، ونشهد إدارة أوباما المترددة تشن حرباً جديدة في الشرق الأوسط بسبب قيام تنظيم «داعش» بقتل صحفي أميركي في حرب غزة، وللأسف من رفعوا شعارات الحرب والتحرير ودبجوا المقالات في أن إسرائيل وشعبها إلي البحر كما ردد النظام الناصري، لما يحدث ذلك قديماً والمعطيات المعاصرة تقول إن إسرائيل باقية في شرقنا وأصبحت واقعاً وعلينا التعامل مع هذا الواقع مهما كانت درجة وعلقم المرارة، وأظن أن الهزيمة أمام إسرائيل في الحروب المتكررة مع العرب هي قضية هزيمة حضارية وعلى جميع الأصعدة، فلا يمكن لحركات الإسلام السياسي مثل حماس والجهاد الإسلامي أن تكون المخرج من مأزقنا الحضاري، فالانتصار والخروج من قمة الانكسار هو باعتقادي إشكالية داخلية عربياً أولاً وفلسطينياً ثانياً.
من يتابع خطابنا السياسي العربي سيلاحظ أن القتل والدمار عندما لحق بغزة وبأهلها من قتل تدمير انتقل إلي «داعش» واستيلاء الحوثيين على صنعاء، وكأن المسألة صفحات نطويها وننتقل إلي المشهد الآخر من الأزمات العربية. أين ذهبت الدموع والآهات العربية من مأساة غزة، علينا أن نعترف بأننا نعيش في مرحلة ضياع وتشويش ضحيتها أرقام من القتلى من العرب، مثل هذه الحركات التي تدعي الإسلامية من حماس والجهاد أن توقف عند حدها بافتعال حروب مع إسرائيل فقط، لتحقيق مكاسب سياسية على الساحة الفلسطينية والعربية، ولكن للأسف لم نخرج من النفق المظلم ولم نشرع في سياسة واقعية، التي تتطلب شجاعة تعترف بالواقع أن إسرائيل كيان قوي ومؤثر في منطقتنا، ولا ينفع الخطاب العاطفي الشعبوي في الحل الذي يكفل عدم سقوط القتلى من الطرفين في مشاريع حروب مستقبلية لن تؤدي إلى حل نهائي لهذه القضية. الرئيس أنور السادات اتخذ خطوة شجاعة في توقيع اتفاقية سلام مع إسرائيل استردت بها شبه جزيرة سيناء، وكلنا يتذكر كيف تم عزل النظام المصري جراء تلك الخطوة، ولكن الواقع أثبت أن الرئيس أنور السادات قدم لبلده وشعبه خطوة متقدمة، ودفع ثمن ذلك أن قدم روحه وقتل من الجماعات الإسلامية المصرية، الذي أدخلها في مسرح الجامعات المصرية لإقصاء القوي اليسارية تلك المرحلة.
أعود إلي ظاهرتنا الصوتية العربية التي تتزعمها القوى الإسلامية بحسب المرحلة الراهنة، ولكنها لا تختلف عن القوى القومية من حيث الالتفاف الشعبي بحسب الخطاب العاطفي، ولكن النتيجة مخيبة في موازيين السياسة والواقع.. ولكن متى نفهم ويبدو أن ذلك بعيداً مما يعني مزيداً من القتل والتدمير للجانبين العربي والإسرائيلي. رحم الله عبدالله القصيمي والذي خرج عن الخط واستشرف المستقبل.
المصدر: الحياة
http://alhayat.com/Opinion/Akel-Il-Akel/4843903