أكد رئيس مجلس أوباما للتنمية العالمية محمد العريان لـ«البيان» أن دولة الإمارات تصرفت بحكمة بعد انخفاض أسعار النفط، حيث عملت على تسريع عملية تنويع مصادر دخلها، مشيراً إلى أن اقتصاد الإمارات سيستمر في النمو خلال الأعوام المقبلة بشكل صحي وتصاعدي. وأضاف أن ارتباط الدولار بالدرهم الإماراتي يصب في مصلحة الدولة، حيث إن التوقعات الاقتصادية العالمية تشير إلى أن الدولار سيصعد خلال الأعوام المقبلة. كما تنبأ باستقرار أسواق المال في الدولة.
وأضاف العريان خلال الجلسة الثانية من المنتدى أن هنالك توافقاً عاماً على أن الاقتصاد العالمي سيشهد نمواً بطيئاً ومستقراً في العام 2017. وأضاف: «إذا نظرنا إلى الاقتصادات الأكبر في العالم، التي تشكل نحو 70 في المئة من حجم الاقتصاد العالمي، نتوقع نمو اقتصاد الولايات المتحدة بـ 2.5في المئة واليابان بـ 1.5 في المئة والصين بـ 6-7في المئة، وخروج روسيا والبرازيل من حالة الركود التي خيّمت على اقتصاداتها في الفترة الأخيرة».
وقال العريان إن الاقتصاد العالمي اليوم على مفترق طرق، ولم يعد للمصارف المركزية الدور الكبير الذي اعتدنا عليه في ما يتعلق بتحقيق الاستقرار النقدي لحكوماتها، وأضاف: «إن العالم الذي اعتدنا عليه في تغير مستمر ومتسارع، لذا لابد للحكومات من تفعيل دور القطاع الخاص وإجراء الإصلاحات المالية اللازمة لتجنب الركود الاقتصادي والمحافظة على استقرارها قدر الإمكان».
استقرار أقل
وتابع: «معظم الأحداث السياسية التي شهدها العالم خلال 2016، كان بعيدا أشدّ البعد عن توقعاتنا، وما ذلك إلا إشارة واضحة إلى أن العالم أصبح أقل استقراراً وأصعب قراءةً وتوقعاً».
وقال: «بعد فوز ترامب في أميركا وخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي وفشل الاستفتاء في إيطاليا، بدأ يظهر جلياً أن شعوب العالم فقدت ثقتها في المؤسسات الحكومية وفي كل من يمثلها، وعليه فأنا أتوقع فوز المرشحين غير الاعتياديين في انتخابات كل من ألمانيا وفرنسا وهولندا المقررة العام المقبل».
وفي حديثه حول اقتصاد الولايات المتحدة، أوضح العريان أن فوز دونالد ترامب بالانتخابات الرئاسية الأخيرة كان له ردود فعل إيجابية في الأسواق، حيث جاء ذلك نتيجة لوعوده بتشجيع النمو وإجراء الإصلاحات وتعديل الضرائب، ما انعكس على ارتفاع أسعار الفائدة كنتيجة مباشرة.
وتوقع أن يكون للولايات المتحدة ميزانية أكثر نشاطاً وأعلى إنفاقاً العام المقبل، ما ينطبق كذلك على المملكة المتحدة، مرجحاً أن يواصل الدولار الأميركي أداءه القوي، ما قد يعني مناهضة أكبر للتجارة الحرة وميلاً أكبر تجاه الحمائية في الولايات المتحدة.
وتوقع أن يرفع الفدرالي الأميركي (المصرف المركزي) أسعار الفائدة على الأقل مرتين خلال العام المقبل، حيث أن هذه الزيادة ستواكب عودة بعض النشاطات الاقتصادية إلى النمو الجيد والصحي».
زيادة نمو
وقال العريان: «إن السوق الأميركي على موعد مع زيادة في النمو والتضخم وارتفاع في التدفقات النقدية، نتوقع استعادة العديد من الشركات الأميركية أموالها من الخارج وضخها في الأسواق الأميركية، فالتحديات التي شهدها الاقتصاد الأميركي مؤخراً لم تكن نتيجة لنقص رؤوس المال، وإنما كانت انعكاساً لتداعي مستويات الثقة لدى المستثمرين. وفي ضوء هذه السياسات المالية الجديدة، لابد من عودة هذه الأموال إلى السوق الأميركي».
وفي سؤال حول مدى تأثير قوة الدولار على المنطقة العربية، أكّد العريان أن قوة الدولار سيكون لها تأثير إيجابي مباشر على منطقة الخليج بشكل عام وعلى دولة الإمارات بشكل خاص، بحكم ارتباط العملة المحلية بالدولار الأميركي، وهذا سيسهم بشكل كبير في دعم مساعي الحكومات الخليجية في تعزيز النمو وتطبيق الإصلاحات التي تم الإعلان عنها.
أما على مستوى الدول الأخرى، فأكّد العريان أن على الحكومات اتخاذ الإجراءات اللازمة للتصدي لتأثير انخفاض عملاتها مقارنة بالدولار، وذلك من خلال توفير عنصرين رئيسيين هما: تعزيز المرونة والمقاومة، وبناء قدرة عــــالية على التعافي واستعادة النشاط.
وحول موضوع النفط، قال العريان إن الالتزام باتفاق أوبك الأخير أمر في غاية الأهمية، وأضاف: «هنالك الكثير من الزخم من قِبل الدول غير الأعضاء في أوبك للمساعدة على الالتزام بالاتفاق، وقد شهدنا تعاوناً كبيراً من قِبل روسيا في موضوع خفض مستويات الإنتاج». وفي ختام حديثه، أوصى العريان الحكومات والمؤسسات والشركات باستيعاب التغيير الكبير والمتسارع الذي يشهده العالم بشكل متواصل، وتـــعديل سياساتها الاقتصادية والمالية بما يضمن تحقيق النمو المــــطلوب.
يشار إلى أن العريان يتمتّع بمكانة رفيعة المستوى في قطاع الأعمال والقطاع الحكومي على الصعيد العالمي كخبير مالي واقتصادي، حيث عمل لأكثر من 15 عاماً مع صندوق النقد الدولي. ويعدّ اليوم مصدراً موثوقاً ومعتمداً للتحــــليلات الاستراتيجية والاقتصادية.
المصدر: البيان