كاتب إماراتي
«لا يخاف، لا يضعف تحت الضغط، غير متعاطف، قاسٍ، أناني، غير مسؤول، مندفع وقلّما يشعر بالذنب، ويتميّز سلوكه الاجتماعي بالعدائية، والتطفل والإجرام..».. بهذه الصفات اللطيفة كما لاحظت عرّفت دراسة أميركية نشرتها صحيفة «الهافنغتون بوست» البريطانية المضطربين عقلياً. إلى هنا والدراسة معقولة، خصوصاً أن لدى كلٍّ منا درزن من هؤلاء في محيطه، أنا شخصياً لدي أربعة في المنزل وستة في العمل ونحو عشرة في العزبة، وأستطيع بكل سرور كتابة قائمة بنحو ألفين في أحد مواقع التواصل الاجتماعي الشهيرة.
المصيبة لم تكن في ما تعنيه عبارة «مضطرب عقلياً»، وفصفصتها لمعرفة كيف أعرف أن المقابل منهم أو ليس منهم.. لاحظ أنني لم أقل منهم أو منا.. كي لا أتهم بالغرور.. المصيبة هي المهن التي يفضلها المضطربون عقلياً بحسب الدراسة، التي جاءت بالترتيب على النحو التالي: الإدارة العليا، المحاماة، الصحافة والإعلام.
بكلمات أخرى فإنك حين تتحدث إلى الـ«CEO» لإحدى الشركات أو أحد المحامين أو «واحد من ربعنا»، فأنت غالباً تتحدث إلى شخص مضطرب عقلياً.. هذا بحسب الصحيفة بالطبع.
قد أفهم أن الـسي-أو-إيين مضطربون عقلياً، فهؤلاء القوم يعيشون في محرقة مستمرة، تخيل أنك تعمل على مدار الساعة ولك سبعة أرواح.. روح تنتظر نتائج البورصة، وروح على أسعار النفط المتهاوية، وروح للعلاقات العامة، وأخرى لخنق المتنافسين، دع عنك الاهتمام بالأنشطة الاجتماعية والزيارات السرية لاجتماعات العمل مع سكرتيرة اسمها شيء ما-أوفا.. أكيد بيتخبل.. خصوصاً إذا وصل إلى إحدى القوائم الإعلامية الشهيرة.. وأصبح تحت الأضواء! قضية أن تهتم كل يوم بلون «الكارفته» ومدى ملاءمتها للبدلة أمر مرهق فعلاً!
الزملاء المحامون القلم مرفوع عنهم من فترة.. فخبرتهم القانونية تجعلهم ينظرون إلى كل شيء بنوع من التعقيد.. أريد شراء كوب من الكرك.. إذا كان مسموماً فسأرفع قضية تعويض.. إذا كان بارداً فعلي إثبات أن المسافة بين المطبخ وسيارتي لا تكفي في الوضع العادي لأن يبرد الكأس.. ستستعين المحكمة بخبير خارجي.. غالباً من رجب أو المرقاب.. الخبير سيحتاج إلى مترجم.. المترجم من البنغالية إلى العربية يجب أن يكون ملماً بمصطلحات المسافة.. سأطعن في تقرير الخبير.. وتخيل أنت الباقي!
ما أزعجني فعلاً هو ضم الإعلاميين إلى القائمة.. هل رأيت في حياتك إعلامياً متناقضاً؟ هل رأيت إعلامياً وصولياً؟ هل رأيت إعلامياً يغير قناعاته بتغير المزاج العام؟ هل رأيت إعلامياً يحسد آخر؟ هل رأيت إعلامياً يهتم بتسريحته أكثر مما يقول؟ هل رأيت إعلامياً مثالياً على العدسات حقيراً في حقيقته؟ لماذا يظلموننا؟!
ختاماً تقول الصحيفة إن المضطربين يختارون هذه الوظائف لأنها تمنحهم شعوراً بالقوة.. يبدو أنهم لم يقوموا بتخليص معاملة في المؤسسة إياها! بتدفع ولا نقطع الخدمة!
المصدر: الإمارات اليوم
http://www.emaratalyoum.com/opinion/2015-02-08-1.754652