عبد الله الشمري كاتب و باحث سعودي متخصص في الشؤون التركية
في 18 أكتوبر 2013م أعلنت المملكة عبر بيان صادر عن وزارة الخارجية اعتذارها عن قبول عضوية مجلس الأمن الدولي حتى يتم إصلاحه وتمكينه فعلياً وعملياً من أداء واجباته وتحمل مسؤولياته في الحفاظ على الأمن والسلم الدوليين، وأضاف البيان «إن أسلوب وآليات العمل وازدواجية المعايير الحالية في مجلس الأمن تحول دون قيام المجلس بأداء واجباته» .
واخّتتم البيان بالقول : « إن السماح للنظام الحاكم في سوريا بقتل شعبه وإحراقه بالسلاح الكيميائي,على مرأى ومسمع من العالم أجمع ودون مواجهة أي عقوبات رادعة, لدليل آخر على عجز مجلس الأمن».
الاعتذار السعودي كان حديث العالم الأول طوال العشرة الايام الماضية.
كما ان القرار نجح في تحريك المياة الراكدة فيما يخص مراجعة مصداقية الأمم المتحدة وأحرج ما يُسمى الشرعية الدولية.
كما عبرت الخطوة السعودية وباجماع الكثيرين عن مشاعر الغضب والاستياء وعكست حالة الاحباط التي تعيشها غالبية الدول بسبب انعدام العدالة وتوازن القوى في الأمم المتحدة، خاصة بعد توصل دولتين أو ثلاث لتفاهمات بينهم بخصوص تقرير مصير أزمات إقليمية معينة دون مراعاة مصالح غالبية الدول ذات الشأن.
فطالما استعملت روسيا والصين حق الفيتو في مجلس الأمن وأصبحت السياسة الأمريكية في المنطقة تتحرك في صورة ردود أفعال لما تقوم به روسيا من خطوات ما شكل صورة ذهنية جديدة في الشرق الأوسط عن نظام دولى جديد غير متوازن.
حتى الآن الامور طبيعية خاصة ان الموقف السعودي جاء ثانيا بعد الغاء المملكة كلمتها اثناء انعقاد الدورة الحالية في الجمعية العامة للأمم المتحدة، لكن الجديد هو ان القرار الهب الخيال الاعلامي والسياسي للكثير من السياسيين والإعلاميين فظهرت تحليلات واقعية وأخرى غير، وأولها أن القرار ليس موجها لمجلس الأمن فقط، بل هو يمثل موجه غضب سعودية ضد واشنطن ليس بسبب الموقف الأخير من سوريا فقط وإنما بسبب الانفراج الاستراتيجي (الايراني – الامريكي ) وشعور الرياض بأن واشنطن بدأت تغير محورها في الشرق الأوسط وأصبحت فقط تساير المصالح الايرانية في المنطقة.
راهن البعض على ان القرار يمثل الخطوة الأولى في استراتيجية سعودية جديدة. ستشرع في تبني سياسة خارجية مختلفة وان الرياض ستقود نظاما إقليميا جديدا يتمثل أساسا في دول الخليج والأردن ومصر.
ذهب آخرون الى أن الرياض ستبدأ في ايجاد تعقيدات بالنسبة لواشنطن بشأن عدد من القضايا الإقليمية خاصة ان المصالح السعودية تختلف في المجمل مع واشنطن سواء في العراق أو سوريا أو إيران أو حتى في مصر، فيما نصح آخرون السعوديين بالبحث عن شراكات استراتيجية موثوقة والبحث عن حلفاء جدد ابتداء من باريس وانتهاء ببكين.
بعض المحللين الامريكيين ذهبوا الى ان انتهاء الحرب الباردة وزوال قوة القاعدة وخطر الإرهاب وتدني أهمية النفط السعودي وتوجه أمريكا للقوة الناعمة ، بالإضافة إلى قوة إسرائيل المتزايدة هو سبب التباعد السعودي الامريكي ، حتى اللحظة فان قرار السعودية يبدو نهائيا بشأن الاعتذار عن المقعد المؤقت في مجلس الامن، لكن الخبر الجيد هو ان الأمين العام للأمم المتحدة، لم يتلق حتى الآن إشعارا رسميا بالاعتذار وهو ما يراه بعض الدبلوماسيين فرصة لإقناع السعودية بالعدول عن قرارها بعد ان أوصلت صوتها للعالم .. وهذا ما نتمناه.
المصدر: صحيفة اليوم السعودية