العولمة في فرنسا

آراء

 حينما كانت «العولمة» جدالاً عالمياً خلال التسعينات من القرن الماضي كان الفرنسيون من أشد من يعادي فكرة العولمة. وحجتهم كانت أن العولمة ليست سوى غطاء أنيق لمشروع أمريكي يهدف لأمركة العالم. صباح أمس، وفي جولة ممتعة في منطقة اليورو ديزني، في ضواحي باريس، رأيت الفرنسيين في قلب «الأمركة» من خلال أهم رموز أمريكا اليوم: ديزني لاند، ماكدونالدز وستار بوكس.

في كل مرة أزور فيها فرنسا أشعر أن أعداداً أكبر من الفرنسيين يتحدثون الإنجليزية. وإن كنت من زوار فرنسا فتأمل في الهواتف الذكية الأكثر انتشاراً بين شباب فرنسا اليوم. لقد أثمرت جهود ستيف جوبز في انتشار منتجات «أبل» بين شباب العالم ومنهم الفرنسيون. إننا في زمن يقترب فيه العالم من بعضه أكثر فأكثر. ومع الوقت سوف تتأسس قيم عالمية (شبابية) جديدة تجتمع تحت مظلتها أجيال قادمة من شرق الأرض وغربها.

ثمة تفاعل إنساني سريع بين الثقافات المتنوعة التي هي تجارب إنسانية يمكن أن تنتقل من مكان لآخر بسرعة وسهولة. ولم تعد «الخصوصية»، ثقافية كانت أو سياسية، عائقاً أمام الجيل الشاب أن يتواصل مع أقرانه من كل أنحاء العالم. ولم يعد بإمكان أحد أن يعزل نفسه عن هذا العالم المتجدد سريع الحركة خوفاً على «الخصوصية» أو إدراكاً بأن العالم يتحرك سريعاً. فالعزلة تعني الموت. ولا سبيل أمام أي أمة تسعى للبقاء في ظل متغيرات العالم الكبرى سوى الاندماج في حراك العالم والاستثمار فيه.

ومثلما أثرت أمريكا في العالم كله، بمنتوجاتها التي صنعت لها قوتها «الناعمة» نستطيع في العالم العربي أن ننافس متى ما أطلقنا العنان لمبدعينا من دون أن نحبطهم أو نسجنهم أو نكفرهم. العالم اليوم يعيش وفق فكرة «الميدان يا حميدان». ومن لديه ما يستطيع أن يلفت به أنظار – واهتمامات – شباب العالم فالساحة متاحة والميدان يتسع للجميع.

نشرت هذه المادة في صحيفة الشرق السعودية بتاريخ (٠٣-٠٧-٢٠١٢)