مدير تحرير صحيفة الجزيرة
صحيح أن السعوديين في طريقهم إلى التحرر من الخطوط السعودية ومآسيها المتراكمة، وصحيح أن إدخال خطوط أخرى خطوة تأخرت كثيراً إلى أن فاضت المطارت بصفوف المنتظرين والمتعطلين، إلا أن المشكلة الصاعقة تنحصر تحديداً في الخطوط الرابحة.
المفارقة أن الأجواء السعودية الشاسعة تستعين بأصغر دولتين خليجيتين لحل مشكلة فضائها المزدحم، ورحلاتها العالقة مع أن المنطق يفترض أن تكتسح «السعودية» الأجواء القطرية والبحرينية لأن محدودية مساحتيهما وعدد سكانهما، إضافة إلى فارق الخبرة وحجم الأسطول يقتضي الاعتماد على «الخطوط السعودية» وليس العكس.
ليس معروفاً سبب انتقاء هاتين الشركتين إن كان لوجود شركاء سعوديين أم للسعر أم لمعايير الخدمة إلا أن هذا كله ليس مهماً فالحكاية تعني أن لا كبير يستمر على حاله، ولا صغير يبقى على محدودية مجاله. وهو ما قررته هيئة الطيران المدني حين وجدت أن هؤلاء الصغار أقدر على خدمة الأجواء أكثر من كبيرها المستقر في سكونه عقوداً.
كان المنطق الطبيعي من باب الاعتداد أن تتجنب هيئة الطيران هاتين الشركتين لأن مجرد دخولهما المنافسة لطمة موجعة، أما وقد فازتا فإن الإقرار بالهزيمة واليقين بالفجيعة وضخامة الخيبة سرى في جميع مفاصل الشارع السعودي.
الرسالة الواضحة، مع افتراض حسن النوايا في طريقة فوز الشركتين، هو أن الزمن يتغير سريعاً والمواقع تتبدل كثيراً ومن يظن نفسه محصناً ضد التغيير سيكون خاسراً وسيجد نفسه في المؤخرة إن بقي سالماً. وإن الهيبة التقليدية توشك أن تضيع حين يجد الراكب السعودي داخل بلاده أن من يضمن نقله هم القطريون والبحرينيون.
المصدر: صحيفة الشرق