برغبة استكشاف أروقة المكان ومفاجآته المثيرة، انضمت بعض «القلوب الضعيفة» أول من أمس، إلى المئات من الزوار الذين اجتذبتهم تجربة الهالوين في «آي إم جي»، أكبر وجهة ترفيهية داخلية في العالم، وكذلك معايشة أجواء «الفندق المسكون».
الزوّار كانوا على موعد مع مختلف أصناف التشويق والإثارة التي أعلنها أصحاب المكان منذ اللحظات الأولى لتجمع البعض أمام البوابة الرئيسة للمدينة، مستثيرين بذلك فضول الباحثين عن الإثارة، مراهنين على مفاجآتهم غير المتوقعة، التي استهلوا بعضها «بمذاقات فريدة» من شتى أنواع الصيحات المرعبة التي هزت أرجاء المكان، ونفذت إلى قلوب الكبار والصغار على حد سواء.
التشويق أولاً
منذ أول خطوة يخطوها الزائر في اتجاه بوابة المكان، تتراءى له الأعداد الكبيرة التي توافدت على هذه التجربة الاستثنائية التي استقطبتها الوجهة الترفيهية في «ليلة الهالوين»، كما يتراءى له من بعيد حجم «المخلوقات العملاقة» التي انطلقت متجولة في المكان، باحثة عن بعض الصور التذكارية والمشاكسات التي قد تجمعها مع مرتادي المكان من الشبان والفتيات الذين استعدوا لليلة المغامرة، بما تيسر من ألوان وأشكال الغرابة التي رسموها على وجوههم وأجسامهم، ومختلف أصناف الأزياء المبتكرة التي ارتدوها وجسدوا بها بعض أشهر شخصيات الأفلام الكرتونية وأفلام الرعب العالمية، معلنين عن تفاعلهم مع رواد هذه التجربة وانضمامهم إلى طقوس الليلة التي لا تبدو لها أي نهاية محتملة.
تتعالى الصيحات أكثر وتتزايد معها صيحات الحاضرين وهواتفهم المحمولة الآملة في اقتناص أهم لحظات انطلاق المغامرة، تفتح بوابات المرور معلنة عن اقتراب اللحظة الحاسمة التي سيتعرف فيها الجمهور إلى مفاجآتهم المرعبة.. يدخل الجمهور ليتجمع أمام بوابة المدينة، وتتواصل الهتافات والنداءات والمرح المتواصل بالتقاط صور تذكارية بأزياء الهالوين الجديدة.
ومع مرور اللحظات الأخيرة تزداد صياحات البعض، مقلدة صيحات الزومبي المنبعثة من مكبرات الصوت على مشارف بوابة المدينة، وفي غفلة مفاجئة، ينطلق دخان تعالى من بعض جوانب البوابة الرئيسة.. تغيب الرؤية، ويغيب معها تركيز الجمهور الذي تزاحمت بعض رؤوسه لمحاولة رؤية ما تيسر، وفي لحظة غير متوقعة تنفتح البوابة أمام الحشود لتنبعث منها من دون سابق إنذار موجات لا متناهية من سكان «الفندق المسكون» الذين اخترقوا الحشود وزرعوا الرعب في قلوب الجموع المتراصة أمام بوابة المدينة.
بين الحقيقة والخيال
في التاسعة والنصف تحديداً، وما بين الحقيقة والخيال، اتفق القائمون على احتفالات الهالوين في «آي إم جي» أن ينقلوا الجمهور الحاضر إلى مساحة جديدة وغير متوقعة من الخيال من خلال تجربة غير مسبوقة من الفزع والتوجس اللذين التصقا بتفاصيل تجوالهم في المدينة، ومن أول مفاجأة استقبلت بها المدينة زوارها، قرر أن يختلط الحابل بالنابل وأن تزداد صيحات هلع الزوار الذين تفرقوا راكضين في مختلف أركان المكان باحثين عن ملجأ يحميهم من تلك الشخصيات المروعة الملطخة بالدماء والمقطعة الأجزاء، التي صرخت ملاحقة للبعض، صارخة في وجه البعض الآخر الذي انحاز إلى زيادة الإثارة من خلال مبادلتها الصيحات والدوران حولها لمحاولة استفزازها أو التقاط صورها في هيئات مرعبة.
في المقابل؛ استمر جزء عاقل آخر من ذوي القلوب الجريئة في الإبحار مقتدين بهاجس اكتشاف المزيد ونهم الإثارة التي بدت مفعمة بكل ملابسات التجديد والمفاجأة منذ اللحظات الأولى لانطلاق الليلة، فكان موعدهم المفاجئ مع أول فندق اعترضهم على ناصية طريق طويلة، فاستوقفهم فضولهم أمام بوابة مريبة نقشت عليها وجوه مخلوقات شريرة توحي بالذعر، فيما اختصر اسم المكان «الفندق المسكون» ملابسات التجارب التي استوعبها، فليدخل من كان جريئاً.
تجارب مروعة
إذا كان البعض راغباً في امتحان قدرته على الصمود، أو كان البعض الآخر من هواة أفلام الرعب بشخصياتها الغريبة وعوالمها المفزعة، فلا أحد هنا مسؤول عن نتائج هذه التجربة الاستثنائية التي صممت خصيصاً لتحتضن كل مكونات الإثارة لمحبي هذا النوع من المغامرات.
الفندق المسكون؛ كما وصفه أصحابه، ليس أبداً واحداً من الفنادق المعتادة التي تبحث عن راحة زوارها وتحتفي بهم من خلال توفير كل آليات الراحة والرفاهية لهم؛ فتجهز لمقيميها المناشف النظيفة وأنواع الشامبو الفاخرة، وتدللهم بقائمة طعام طويلة ومملوءة بكل أصناف الأطباق اللذيذة والخيارات الواسعة، بل يفضل الفندق لعشاق اللحوم، صنوفاً محلية أخرى من صنع ملحمة الفندق المرعبة، بشكل يبدو من الوهلة الأولى مألوفاً بشكل فظيع لزواره فور تقديمه، فيما يقدم الفندق المسكون إقامة مملوءة بالرعب للسكان والزوار ممن قرروا خوض تجاربه المثيرة والخارجة عن المألوف، لقضاء ليلة لا تنسى أبداً؛ أو للتعريج واكتشاف المكان عبر دخول الفندق الذي قابله أصحابه بترحيب خاص جداً بالضيوف، بداية من الرائحة الكريهة التي نشروها في الأجواء المعتمة لردهة الاستقبال، وصولاً إلى أصوات وصرخات ساكنيه المرعبة، لكن التنويه هنا ضروري لحياة البعض، فقد يحاولون جذب انتباهكم لذا ينصح هنا بتوخي الحذر، وتجنب الاختلاط بهم.
لحظات طويلة من الصمت والتوتر الذي يحبس الأنفاس خيمت على لقاء زوار الفندق بموظفتي الاستقبال اللتين بدتا في مظهر مثير للريبة، زادته ضراوة تلك النظرات الثاقبة التي لم تنفكا توجهانها لكومة الفضوليين الذين تجمعوا أمام الفتاتين، فبدوا فرحين وجزعين في آن معاً؛ في الوقت الذي ترتسم ابتسامة ماكرة على وجه المديرة التي نجحت في كشف الخوف المتمكن من أغلب القلوب.. عندها يحين وقت الأوامر الصارمة التي يجب أن يتقيّد بها الجميع؛ فالتصوير ممنوع وملامسة الكائنات المرعبة أمر مرفوض، ولا داعي هنا للنقاشات والجدل فالكل مطالب بالإذعان للأوامر، والانقسام حسب الطلب إلى مجموعات صغيرة لمواجهة القادم المجهول.
بالمرصاد
في البداية، كان الدخول إلى مصعد الفندق مهمة عسيرة ومحفوفة بالأخطار، مع الأجواء المعتمة والسكون المطبق على المكان، أما الإضاءة فظلت خافتة بشكل زاد من ضبابية الرؤية ومنعرجات الطريق المؤدية إلى المجهول، التي اتبعتها مجموعات صغيرة مؤلفة من ستة أشخاص، لكن المفاجأة ستظل دوماً بالمرصاد، تماماً كالأشباح القابعة هناك في مختلف زوايا المكان، يركض الجميع باتجاه المنافذ الموازية، وأي نجاة ممكن أن تقدر لمن تجرأ على خوض هذه التجربة التي تكاملت فيها كل عناصر الفزع فتحفزت لها الحواس، واستثير فيها الخوف، فخلف كل زاوية تترصد «العفاريت» للزوار، مشهرة سكاكينها ومشارطها التي عكست هيئاتها المرعبة.
قشعريرة تسري في الأوصال وتجبر الكل على التقدم في دهاليز تتغير تضاريسها وحكاياتها، تماماً كما تتغير أساليب وفنون الترويع المبتكرة التي طفحت بها موائد الأشلاء البشرية وبقايا الجماجم القديمة التي اختلطت مع مصائد العناكب المتدلية من الأسقف العالية، ليستكتمل الزوار تجربة الموت القادم من المجهول، فلا مجال للتراجع ولا للندم على مثل هذه اللحظات غير المتوقعة حيث الأبواب الموصودة والأسرار المكتومة.
لا ينتهي الزوار من استكشاف زوايا المكان المجهول الذي ظن الجميع أنه قد ينفرج على فسحة أمل معلق أو تفاؤل منتظر، لكنه ظل متوجساً محفوفاً بالتوقعات مع دخول أفواج من «الزومبي» وأكلة لحوم البشر، لترتفع الأصوات وصرخات الاستغاثة قبل أن يصل أخيراً إلى بوابة الخلاص الأخير، الذي انفرجت به الأجواء وأطل به الزوار على أجواء أمان افتقدوها، مطلين على مكان جديد احتفى فيه صانعوه بمخلوقات الفندق العجيبة نفسها، مقدماً لزواره نخبة من المشغولات اليدوية والملابس والإكسسوارات المخصصة لأجواء الاحتفال بذكرى «الهالوين» وشخوصه.
يتنفس الضيوف الصعداء في مغادرة «الفندق المسكون»، دون الانتباه إلى صورهم التذكارية التي عهدوها منذ دخول المدينة، فلا حاجة بعد هذه اللحظات العصيبة إلى «سيلفي» يذكرهم بتوقف حواسهم ولا بارتفاع «الأدرينالين» الذي سببته خياراتهم الخاطئة.
المصدر: الإمارات اليوم