كاتب إماراتي
يستحق الدكتور جمال السميطي، مدير معهد دبي القضائي، الشكر والتقدير على طرحه الجريء والصريح والبعيد عن المجاملات لموضوع حقوق العامة على الإنترنت، فعباراته في لقائه مع «الإمارات اليوم» كانت واضحة ومباشرة، بلا عبارات: قد يكون.. وهناك ثغرة.. ولكن.. ويمكن أنه.. وربما.
فأولاً وبكل وضوح «الجهل بالقانون لا يعفي المخالف من العقوبة»، يعني سالفة «والله ما كنت أدري»، و«محد قالي»، و«كنت مسافراً يوم طلع القانون»، لن تعفي المخالفين من المساءلة، لقد ذهبت تلك الأيام التي كنت تتطلع فيها إلى عيني والدك القويتين وأنت تحمل جرة مكسورة من العهد العباسي أهداها له زعيم أفغاني، وتقول ببراءتك «والله هي طاحت!»، فيحتضنك بحنانه وهو يقول «فدوه»..
«إذا التقطت صورة لشخص ونشرتها، ولو كانت صحيحة»، من دون رضاه، ففي ذلك انتهاك للخصوصية، وعقوبة قد تصل إلى ثلاث سنوات ونصف المليون درهم، بحسب الدكتور جمال. وصدقني فإنك لن تكون سعيداً بأن تجرب أن تكون صورة خاصة بك، أو ذكرى عزيزة، أو مناسبة عائلية، موجودة على النت. أمر مؤلم فعلاً، لكن وسائل الإعلام الاجتماعي، وقلة معرفة الناس بحقوقهم القانونية، وجهلهم بها، أدت إلى تنمر بعض السفهاء وتماديهم في التعدي على خصوصية وحقوق الآخرين، بقي أن نسأل: هل يمكن تقديم الشكاوى بأثر رجعي؟! ثم أين سيذهب نصف المليون درهم؟ في جيب صاحب الصورة أم في جيب الواقف خلفه مؤشراً بعلامة النصر فوق رأسه؟ أم إلى الخزينة؟
العقوبة نفسها تنطبق على من يسب شخصاً في أحد مواقع التواصل الاجتماعي.. «رحنه وطي!» أنا آسف للجميع، وأقدم اعتذاري العلني.. نصف مليون درهم مقابل كلمة يا (…) ما يسوا عليها! أعتذر من الرجل الذي لف علي يوم الخميس الماضي وانتقدته بتغريدة، وأعتذر لأخي الذي اعتقدت خاطئاً أنه سرق عقالي، وأعتذر لفرقة الهيب هوب الشهيرة إياها، المهم ألا يرضى الجميع بعد اليوم باتصال وحب خشوم، طالما أن هناك قانوناً فيجب أن يطبق لكي يردع!
«إرسال رسالة فيها مادة إباحية» تصل غرامتها إلى نصف مليون درهم أيضاً، يعني أنا أعرف واحداً يحتاج إلى ميزانية الولايات المتحدة لمدة نصف قرن لكي يسدد جزءاً من المبلغ المطلوب عليه للحكومة، ربما سأتفاوض معه، سأكتفي برحلة مجانية للعمرة معه لكي يكفر عن ذنوبه مقابل ألا أضع اسمه في الأسبوع المقبل.
ينهي الدكتور ملاحظاته القيمة بأن قطع شجرة أو إتلافها قد تصل عقوبتهما إلى السجن ثلاث سنوات، هنا تسكب العبرات! هذه حال قاطع الشجرة في محاكم الدنيا، فكيف بقاطع الرزق عمداً، وكيف بقاطع الرحم في محكمة الآخرة!
المصدر: الإمارات اليوم