حسن الحسيني من مدريد
على طول ساحل منتجع روديس السياحي الصيفي، الواقع على ساحل البحر الأبيض المتوسط، يمتد الكورنيش الموازي للبحر لعدة كيلومترات. ويذهل المرء عندما يرى في كل خمسة أمتار باعة جائلين يفترشون أجزاء من الكورنيش ليعرضوا بضائعهم من ملابس بحر ونظارات شمسية وحقائب يد نسائية. الاندهاشة لا تنبع من بساطة هذه البضائع ولكن من البضائع المقلدة لعلامات عالمية مثل لويس فيتون، أرماني، وغيرها.
مع الصباح الباكر يصل الباعة وهم من الأفارقة، ويقضون النهار تحت أشعة الشمس المحرقة، بينما الشرطة الإسبانية لا تتدخل لمنعهم أو اعتقالهم رغم أن القوانين الأوروبية تحظر إدخال وبيع البضائع المغشوشة والمقلدة.
لكن ما يجري يومياً في روديس تشهده كل المنتجعات الإسبانية من كتالانيا وصولا إلى الأندلس مرورا بالعاصمة مدريد.
وإذا كانت الشرطة الإسبانية تتساهل مع الباعة الأفارقة لأنهم يعولون عائلات بكاملها في إفريقيا ولا يشكلون عبئا على نظام الضمان الاجتماعي الإسباني، إلا أنها لا تتساهل مع الإسبانيين الذين يبيعون البضائع المقلدة من إنتاج بلادهم.
ويبدو أن الإسبانيين عندما يعتزمون تقليد البضائع فإنهم لا يبحثون عن ربح مبالغ صغيةر مثل 10 يورو أو 5 يورو في القطعة، لهذا لم يكن غريباً أن تعلن الشرطة الإسبانية عن اعتقال أفراد عصابة لتصنيع سيارات فيراري وأوستن مارتن مقلدة، حيث فككت الشرطة مصنعين يستخدمان لهذه الغاية، الأول في البلاط ويالس سورينيلس والثاني في بلدة الجميزي بالقرب من مدينة فالنسيا، وكشفت الشرطة أن أفراد العصابة وعددهم ثمانية يحولون سيارات عادية لسيارات فيراري من مختلف الطرازات F 430, F 458. كذلك يحولون السيارات العادية إلى سيارات أوستن مارتن، كما عثرت الشرطة على سيارتين من هذه العلامة و19 سيارة فيراري أخرى.
وأشارت الشرطة الإسبانية إلى أن أفراد العصابة يصنعون بأنفسهم القطع الخارجية كي تشبه السيارات المزورة سيارات فيراري، وعندما يصعب عليهم تقليد بعض القطع فإنهم يشترونها من بريطانيا أو من شركة فيراري مباشرة، كي لا يميز الزبون بين السيارة المقلدة والسيارة الحقيقية.
وأكدت الشرطة أن التحقيقات أظهرت أن الزبائن كانوا يعلمون أن سيارتهم مقلدة، ولكنهم كانوا مهتمين بأن يعلم الآخرون أنهم يملكون سيارات فيراري حقيقية.
وتمكنت الشرطة من تفكيك الشبكة وإلقاء القبض على أفرادها بفضل وكيل فيراري في فالنسيا، الذي اكتشف أن عمليات بيع سيارات من شركته تتم عبر الإنترنت ولكن بأسعار غير طبيعية. فقد كانت السيارة تباع بـ 40 ألف يورو بدلا من 200 ألف يورو، بالرغم من أن أفراد العصلبة قد تحوطوا لكل شيء، بما في ذلك إقامة مصنع خاص بهم يقلد العلامة المميزة لسيارات فيراري وأوستن مارتن، إلا أنهم لم يكونوا على علم بأن شركة فيراري تمتلك سجلا بكل سيارة تبيعها وتواصل ملاحقة السيارات حتى عندما تنتقل ملكيتها لأشخاص آخرين أو تباع في المزادات العلنية، وبفضل هذه السجلات اكتشف وكيل فيراري في فالنسيا وجود السيارات المقلدة ورفع شكوى قضائية مكنت الشرطة من القبض على أفراد العصابة.
المصدر: الإقتصادية