كاتب من الإمارات
إن حماية القدس من مخططات التهويد لن تتأتى بالشعارات الفارغة وباستغلال هذه القضية كوسيلة للمزايدات العقيمة، بل إن أمراً عظيماً من ذلك القبيل يتطلب الثقة والمصداقية في الدفاع عن المقدسات الإسلامية.
ولعل ما أشار إليه رئيس لجنة القدس، العاهل المغربي محمد السادس، في افتتاح الدورة العشرين للجنة القدس بمراكش، وهو يترجم بذلك الحقيقة التي وصلت إليها القضية الفلسطينية، والتي لم يعد الكثير من أبناء الأمة يهتمون بها كما كان الأمر حتى ثمانينيات القرن الماضي، خاصة بعد أن تراجع الوعي العربي عن ممارسة دوره تجاه هذه القضية، وذلك بسبب الخلافات العربية والتغيرات السياسية والأحداث الجسام التي أصابت الأمة وتراجع معها دور المثقف العربي في الدفاع عن هذه القضية.
وبفعل تلك المتغيرات أصبحت إسرائيل تتقدم عميقاً وتنشر كتلها الاستيطانية، بينما فشل العرب في وقف ذلك الزحف.
كما غابت عن الوعي العربي تلك العلاقة التي تجمع بين المشروع الصهيوني التوسعي والمشروع الإيراني الذي يتجه هو أيضاً نحو تفتيت المنطقة العربية.
ولم يعد سراً أن إسرائيل وراء كثير من الصراعات التي تقع في البلاد العربية، وهذا أمر يتفاخر به العديد من القادة الصهاينة في مذكراتهم، كما فعل بن غورين واسحق شامير وجولدا مائير واسحق رابين وشارون وبيريز…إلخ.
وإلى ذلك فإسرائيل هي من قام بمذبحة دير ياسين وصبرا وشاتيلا والعديد من المذابح الأخرى التي تُرتكب يومياً على أرض فلسطين، كما قامت بأوسع حملة تطهير عرقي في العالم، وهي أيضاً من اغتال أكبر عدد من العقول العربية في فلسطين وخارجها، ولعبت دوراً خطيراً في تدمير العراق. وهي التي لا تعترف بالقوانين الدولية باعتراف قادتها ومثقفيها.
فها هو ذا الكاتب الإسرائيلي شلومو غازيت يعلن في عنوان مقاله بصحيفة «هآرتس» (19-07 -2011): «أنا إرهابي فخور»، كما يعترف كاتب إسرائيلي آخر هو جدعون ليفي، في «هآرتس» (22-12-2013) بأن «إسرائيل دولة شديدة العنصرية».بينما يعلِّق كاتب إسرائيلي آخر، هو حاييم شاين، على تهديدات الاتحاد الأوروبي بمقاطعة إسرائيل، قائلاً في مقاله «الرقص على نغمة النادي الأوروبي»، إن الدولة اليهودية المستقلة التي عاصمتها القدس تناقض العقيدة المسيحية، وإن الدول الأوروبية غير مستعدة اليوم للتسليم بدولة إسرائيل المستقلة القوية المتمسكة بالقدس.
ثم يضيف: «لقد استدعت بريطانيا وفرنسا وإيطاليا سفراء إسرائيل احتجاجاً على قرار البناء في القدس ويهودا والسامرة.
ومن المنطقي أن نفرض أن الإنجليز لن يغفروا لنا أبداً أن مجموعة صغيرة من مقاتلي جبهة سرية هزمت الإمبراطورية البريطانية، ولن يغفر لنا الفرنسيون الكاثوليك النصر الرائع في حرب الأيام الستة الذي حطم الاعتقاد الديني لشارل ديجول.
على الأوروبيين أن يوقنوا في قرارة أنفسهم بأن الكثرة الغالبة من الإسرائيليين لن يتخلوا عن قطعة أرض صغيرة في القدس، كما لم يتخل الفرنسيون والإنجليز والإيطاليون عن زقاق في لندن وباريس وروما».
وينقل الدكتور جلال أمين في كتابه «المثقفون العرب وإسرائيل» (ص 96) مقالاً لأحد الكتاب الصهاينة بعنوان «أخيراً يخرج اليهود من محبسهم»، يقول فيه «إنه إذا كان القرن التاسع عشر هو في الأساس قرن بريطانيا، والقرن العشرون هو في الأساس قرن الولايات المتحدة الأميركية، فإن القرن الحادي والعشرين هو قرن إسرائيل»!
المصدر: الاتحاد