أكد وزير شؤون مجلس الوزراء والمستقبل، محمد بن عبدالله القرقاوي، أن الإدارة والتميز في العمل الحكومي، هما القاطرة التي تقود وتحرك كل القطاعات، وهما الأقدر على تطويرها، وقيادة الحكومات نحو المستقبل، معتبراً أن التميز هو أساس التطوير، وتحدث في الوقت نفسه عن خمسة تحولات جذرية ترسم ملامح حكومات المستقبل.
تأهيل الشباب لمستقبل أفضل
ناقش «مؤتمر التميز الحكومي 2018» سبل تأهيل الشباب لمستقبل أفضل، وطرق تطبيق التميز في تحقيق الاستراتيجية، ومواصفات القيادة الاستثنائية المتميزة. كما استعرض عدد من المتحدثين، في المؤتمر، تجارب متميزة في كلٍّ من الإمارات ومصر. ومن المقرر أن يناقش المؤتمر، في يومه الثاني، سبل تحقيق السعادة وجودة الحياة للشعوب، باعتبارها الغاية الأسمى للتميز الحكومي.
«كهرباء دبي» تعرض تجربتها في مجال الابتكار
قال العضو المنتدب الرئيس التنفيذي لهيئة كهرباء ومياه دبي، سعيد محمد الطاير، إن الهيئة تعمل لاستشراف المستقبل وصناعته، وتحقيق أهداف مئوية الإمارات 2071، لتأمين مستقبل سعيد وحياة أفضل للأجيال المقبلة، ورفع مكانة الدولة لتكون أفضل دولة في العالم، ونموذجاً عالمياً للطاقة النظيفة والاقتصاد الأخضر. جاء ذلك خلال عرض الهيئة تجربتها في تبني منهج الابتكار والريادة، واستشراف المستقبل والتخطيط له وصناعته في استدامة التميّز، ضمن فعاليات مؤتمر «مصر للتميز الحكومي 2018». وأكد الطاير أن تبنّي الابتكار في استراتيجية الهيئة وخططها، رفع إسهام محور الابتكار إلى 40% من إجمالي أولوياتها، عبر تبنّي أفضل التقنيات الحديثة من الثورة الصناعية الرابعة، والتقنيات الإحلالية.
«حمدان الذكية» تستعرض تجربتها في ثقافة التميز
قدمت جامعة حمدان بن محمد الذكية تجربتها في تبني ثقافة التميز في العمل الحكومي، وكيفية التأسيس لها وترسيخها، لتلبي احتياجات المتعاملين، خلال مشاركتها في أعمال «مؤتمر مصر للتميز الحكومي 2018»، ضمن جلسة حملت عنوان «ثقافة التميز وأثرها في القطاع الحكومي».
وتحدث رئيس الجامعة، الدكتور منصور العور، عن ثلاثة عناصر أساسية في تبني ثقافة التميز: أولها الاقتناع بثقافة التميز، ثانيها الالتزام بتطبيق هذه الثقافة، وثالثها الإدراك التام لنتائجها الإيجابية على الجميع، مشدداً على أهمية أن تكون الإدارة مسؤولة مسؤولية مباشرة عن تعزيز هذه العناصر ومراقبة تنفيذها، إلى أن يصبح التميز أسلوب عمل وصفة للأداء.
90
مليار دولار، قيمة
عقود التعهيد عالمياً
في 2017.
47 %
من الوظائف الحالية
سوف تختفي، خلال
الـ25 عاماً المقبلة.
جاء ذلك خلال مشاركة وزارة شؤون مجلس الوزراء والمستقبل في أعمال «مؤتمر التميز الحكومي 2018»، الذي تستضيفه القاهرة على مدى يومين، والذي يُعدُّ الأول من نوعه في مصر لتحديث الأداء الحكومي، وباكورة مخرجات مذكرة التفاهم في مجال تطوير العمل الحكومي، الموقَّعة بين وزارة شؤون مجلس الوزراء والمستقبل ووزارة التخطيط والمتابعة والإصلاح الإداري في مصر، خلال فعاليات القمة العالمية للحكومات 2018، المنعقدة في الإمارات فبراير الماضي.
ويستمر المؤتمر، الذي حضره في يومه الأول أكثر من 2000 مسؤول حكومي من الجانبين المصري والإماراتي، لمدة يومين في إطار عمل شامل لنقل التجربة الإماراتية الناجحة لجمهورية مصر العربية، حيث يتناول المؤتمر ثلاثة محاور رئيسة في العمل الحكومي، هي: الأداء والكفاءة والتميز الحكومي، والقدرات الحكومية، والخدمات الذكية.
ويهدف المؤتمر إلى استعراض التجارب الناجحة في مصر والإمارات، وتبادل الخبرات ونقل المعرفة، والتعرف إلى أفضل ممارسات العمل الحكومي بين الجانبين المصري والإماراتي، كما يستهدف المؤتمر إحداث نقلة نوعية في الخدمات الحكومية، بما يسهم في تحقيق الأهداف الاستراتيجية للتنمية المستدامة «رؤية مصر 2030».
ونوه القرقاوي بالعلاقة التاريخية الاستثنائية والاستراتيجية بين مصر والإمارات، التي نجح خلالها البلدان الشقيقان في إرساء نموذج مثالي للعلاقة القائمة على التعاون والتكامل، وعلى الاحترام والتقدير المتبادلين، على مستوى قيادة البلدين وشعبيهما، مشيراً أن التحديات السياسية والاقتصادية في المنطقة والعالم لم تزدها التحديات إلا منعةً ومناعةً.
وكشف عن خمسة تحولات جذرية ترسم ملامح حكومات المستقبل، ويتعين على الحكومات في المنطقة العربية التنبه والاستعداد لها، ووضع الخطط والسياسات لاستيعابها والاستفادة منها، وتشمل التحولات: حكومات تتبنى اقتصاد المستقبل القائم على البرمجيات، وحكومات تحركها ثورة البيانات، وحكومات رقمية ذكية، وحكومات تديرها شركات، وحكومات وظيفتها تصميم المستقبل. واستعرض القرقاوي العديد من التجارب العالمية في المجال.وحول التحولات الخمسة، اعتبر القرقاوي أن ما نشهده اليوم من تغيرات سريعة وتضاعف في حجم البيانات والمعلومات، ما هو إلا الثانية الأولى، من الدقيقة الأولى، من الساعة الأولى، في أول محطة من قطار المستقبل، معتبراً أننا أمام فتح اقتصادي جديد.. هو اقتصاد المستقبل، والحكومات مرشحة للعب دور كبير في دفع عجلة هذا الاقتصاد القائم على العقول والبرمجيات.
وحول التحول الأول «حكومات تتبنى اقتصاد المستقبل»، أكد القرقاوي أن الحكومات القادرة على قيادة العالم في المستقبل، هي تلك التي تتبنى اقتصاد المستقبل القائم على البرمجيات والتكنولوجيا والبيانات. وذكر أن هذا التغيير يمس الكيانات الاقتصادية الكبرى، التي شهدت تبدلاً كبيراً خلال العشر سنوات الماضية، مؤكداً أن شركات التكنولوجيا في «سيليكون فالي» من أهم الشركات في السوق، وهي سلة الثروات الكبرى في العالم، اليوم، بعد أن كانت شركات النفط والبنوك والشركات الكبرى هي التي تتصدر سوق الأسهم الأميركية لعقود.
أما التحول الثاني «حكومات تحركها ثورة البيانات»، فتحدث فيه القرقاوي عن التحول الثاني في شكل الحكومات والذي هو البيانات، وقال: «يمكننا القول بأننا نعيش في عصر البيانات الضخمة، وطريقة تعاملنا مع هذه البيانات ومعالجتها واستخدامها ستغير طريقة عمل حكومات المستقبل. لذا علينا أن نكون من الآن جاهزين للحكومات الجديدة».
وأضاف القرقاوي: نعيش في عالم من البيانات الضخمة، ومع ذلك فإن 99.5% من هذه البيانات تُهدر دون أن نستفيد منها، معتبراً أن مهمة حكومة المستقبل هي الاستفادة من هذه البيانات، بما يحقق أفضل مستويات الأداء في العمل الحكومي، وبما ينعكس بالضرورة على رضا الشعب وسعادة المجتمعات.
وتحدث القرقاوي عن التجربة الصينية في مجال الاستفادة من البيانات الضخمة، حيث تمتلك الصين شبكة Sky Net System، وهي واحدة من أهم تقنيات البيانات الضخمة، وهذه الشبكة المبتكرة أسهمت في انخفاض معدلات ثمانية أنواع من جرائم العنف والسرقة في الصين بنسبة 40% خلال عامين فقط، من خلال استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي ومراقبين رقميين.
وقال: «كحكومات في المنطقة فخورون بالنموذج المصري في مجال البرمجيات، بحسب تقرير صادر عن مؤسسة (كابجيمناي) الفرنسية العالمية، مصر مؤهلة لتكون الوجهة الرائدة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في هذا المجال، بسبب ميزاتها التنافسية».
وعن التحول الثالث «حكومات رقمية ذكية»، أشار القرقاوي إلى أهمية تبني الحكومات للذكاء الاصطناعي، فالحكومات الرقمية هي التي تقدم الخدمات الذكية عبر مراكز الخدمات الذكية التابعة للحكومة والذي يوفر خدماته للمتعاملين 24 ساعة في اليوم، سبعة أيام في الأسبوع.
واعتبر أن «المستقبل هو للحكومات التي تملك تقنيات الذكاء الاصطناعي»، فالهواتف الذكية قادرة على تقديم مئات الخدمات الحكومية، بسرعة وبكفاءة عاليتين، موفرة على الحكومة بمعناها التقليدي مئات الملايين من الدولارات والساعات المهدرة.
وأشار القرقاوي إلى أن حكومة رقمية أو ذكية تدير المراكز الخدمية الرقمية، من شأنه أن يوفر الهدر الذي تعانيه الحكومة الورقية، وبحسب تقرير للأمم المتحدة ستكون كلفة المعاملات الورقية أقل 3000% من الكلفة الحالية، مشيراً إلى أن 40% من المعاملات الحكومية والخاصة ستتم معالجتها، من خلال تطبيقات الذكاء الاصطناعي، بحلول عام 2020.
وخلال حديثه عن التحول الرابع «حكومات تدير خدماتها شركات – التعهيد حلاً!»، تساءل القرقاوي إن كانت الحكومات تستطيع أن تتصدى وحدها للتحديات التنموية التي تواجهها المجتمعات، وقال: «في عالمنا العربي تتحمل الحكومات الكثير من الأعباء المالية والفنية والإدارية، وكما توفر الحكومة الدعم، فإن ثمة قطاعات مجتمعية يمكن أن توفر لها الدعم، من خلال قيام شركات بتوفير وإدارة الخدمات الحكومية ضمن أعلى مستويات الكفاءة والجودة المنشودة، نتحدث هنا عن حكومات المستقبل التي تدير خدماتها شركات، أو بصيغة أخرى: التعهيد».
وذكر أنه في العقدين الأخيرين، شهد العالم ازدهاراً في نشاط «التعهيد» Outsourcing، وهو استئجار كفاءات وخدمات من مؤسسات وشركات للقيام بمهام ووظائف وصلاحيات الجهة المستعينة بها، وهي جهة حكومية في الأغلب، بغية تحسين مستوى جودة الخدمة، وتقليل التكاليف والأعباء الفنية واللوجستية، والاستفادة من الخبرات والكفاءات المتميزة وغيرها من المزايا.
وأشار القرقاوي إلى أن قيمة عقود التعهيد عالمياً ارتفعت من 45 مليار دولار عام 2000، إلى ما يقارب 90 مليار دولار عام 2017، أي بنسبة تصل إلى الضعف، ومن التجارب الناجحة في العالم فإنه يمكن للحكومات تشجيع القطاع الخاص على بناء المستشفيات، وتقوم الحكومات ببناء منظومة تأمين.
أما عن التحوّل الجذري الخامس «حكومات وظيفتها تصميم المستقبل»، فأشار القرقاوي إلى أن حكومات المستقبل وظيفتها تصميمه، ووضع خططها وبرامجها وسياساتها، لما تريد أن يتحقق ولما تتطلع إليه، مشيراً إلى أن 47% من الوظائف الحالية سوف تختفي خلال الـ25 عاماً المقبلة، بسبب التطور المطرد في النظم المعلوماتية الذكية، التي يمكن أن تقوم بوظيفة الإنسان بكفاءة أكبر وكلفة أقل.
واعتبر أن الحكومات التي تقرأ المستقبل وتصممه لديها القدرة على دراسة الواقع، والتعامل مع التحديات والمعطيات والاحتمالات المستقبلية بصورة أفضل، بحيث تقرأ إمكانية الاستثمار في المواهب والطاقات، واستكشاف القدرات، وتهيئة المناخ أو البيئة المناسبة للابتكار.
المصدر: الإمارات اليوم