حقّقت القوات النظامية السورية، أمس، تقدماً كبيراً شمال مدينة حلب، وسيطرت بشكل كامل على مخيم حندرات، بعد قصف روسي مكثف، فيما قتل 25 مدنياً على الأقل، في الأحياء الشرقية لمدينة حلب، الواقعة تحت سيطرة الفصائل المعارضة، التي أمطرها الطيران السوري وحليفه الروسي بوابل من القنابل والصواريخ لليوم الخامس على التوالي، بعد فشل المحادثات الأميركية الروسية في إرساء هدنة في البلاد.
وتمكنت القوات السورية والمسلحون الموالون لها و«لواء القدس الفلسطيني»، من التقدم في شمال مدينة حلب والسيطرة بشكل كامل على مخيم حندرات الواقع إلى الشمال من المدينة.
وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان، في بيان، إن تقدم القوات جاء عقب اشتباكات عنيفة مع الفصائل المقاتلة، حيث حققت القوات السورية بذلك ثاني تقدم استراتيجي، بعد استعادتها منطقة الكليات العسكرية في جنوب مدينة حلب قبل نحو أسبوعين.
وأشار المرصد إلى أن هذا التقدم يأتي نتيجة للقصف المكثف للقوات السورية والقصف العنيف والمستمر للطائرات الروسية والسورية على المنطقة، ومعلومات مؤكدة عن خسائر بشرية في صفوف الطرفين.
وبحسب المرصد، تحاول القوات السورية بهذا التقدم توسيع نطاق سيطرتها في شمال مدينة حلب، من أجل تضييق الخناق على الأحياء الشرقية للمدينة، والمقاتلين الموجودين فيها، ولتوسيع نطاق تأمين طريق الكاستيلو، الذي تسيطر عليه القوات السورية، منذ النصف الثاني من يوليو الماضي.
وقال مسؤول في إحدى جماعات المعارضة الرئيسة في حلب لـ«رويترز»، أمس، «سقطت حندرات».
وأكدت القوات السورية في بيان بثه التلفزيون الرسمي تقدمها في المنطقة، مؤكدة أن «أعداداً كبيرة من الإرهابيين» قتلوا.
وأفادت أنباء بمقتل العشرات في شرق حلب، منذ أن أعلن الجيش عن الهجوم الجديد في وقت متأخر يوم الخميس الماضي، ما بدد بقايا الأمل في إحياء وقف لإطلاق النار توسطت فيه الولايات المتحدة وروسيا.
في السياق، قتل 25 مدنياً في أحياء حلب الشرقية الواقعة تحت سيطرة الفصائل المعارضة، بقصف سوري وروسي عنيف.
وذكر المرصد أن بين القتلى سبعة أشخاص كانوا من القلائل الذين خرجوا لشراء الغذاء، وقتلوا في قصف بينما كانوا ينتظرون دورهم أمام أحد المخازن لشراء اللبن في حي بستان القصر.
وأفاد المرصد بوقوع غارات عنيفة شنها الطيران الروسي، وسقوط براميل متفجرة من مروحيات النظام السوري على مناطق عدة في حلب الشرقية. وأعلنت القوات السورية الخميس بدء هجوم على هذه الأحياء التي تطبق عليها حصاراً خانقاً.
وقال مدير المرصد رامي عبدالرحمن «إن النظام يقصف بشدة هذه المنطقة، لأنه يريد إرغام السكان على المغادرة، واستعادة السيطرة على المنطقة». وأفاد المرصد عن اشتباكات عنيفة بين القوات النظامية والفصائل المقاتلة في المنطقة المحيطة بأحياء العامرية والشيخ سعيد في جنوب حلب.
وتحدث مراسل لـ«فرانس برس» عن أشلاء بشرية على الأرض، وبركة من الدم، بينما اكتظت العيادات بأعداد كبيرة من الجرحى. وقال إن حجم الدمار في الأحياء الشرقية كبير، خصوصاً في أحياء الكلاسة وبستان القصر التي اختفى عدد من شوارعها تقريباً بسبب انهيار الأبنية.
وأوضح مصدر عسكري سوري في دمشق، أول من أمس، بأن العمليات البرية في حلب لم تبدأ بعد.
وقال «بدأنا العمليات الاستطلاعية والاستهداف الجوي والمدفعي، وقد تمتد هذه العملية لساعات أو أيام قبل بدء العمليات البرية».
ولم تتمكن روسيا والولايات المتحدة، على الرغم من سلسلة اجتماعات عقدها وزيرا خارجيتيهما سيرغي لافروف وجون كيري، من التفاهم حول إحياء هدنة انهارت الاثنين الماضي، وتبادلتا الاتهامات حول هذا الفشل الدبلوماسي.
وكان لافروف وكيري اتفقا على إرساء هدنة دخلت حيز التنفيذ في 12 سبتمبر، قبل أن يؤدي تصعيد متزايد على الأرض إلى انتهائها.
واتهمت موسكو واشنطن بعدم الضغط على المعارضة من أجل فك ارتباطها بـ«جبهة فتح الشام» (جبهة النصرة سابقاً) المستثناة مع تنظيم «داعش» من اتفاق الهدنة، بينما اتهمت واشنطن موسكو بعدم الضغط على النظام لإفساح المجال أمام دخول كميات كافية من المساعدات الإنسانية إلى المناطق المحاصرة. وقال لافروف إن إحياء وقف إطلاق النار في سورية يتوقف على كل الأطراف المعنية، وليس فقط على «التنازلات الروسية أحادية الجانب».
وأضاف في مقابلة مع برنامج «فستي أون ساترداي» التلفزيوني الإخباري «لا يسع المرء الحديث عن إحياء وقف إطلاق النار إلا على أساس جماعي».
وبات متطوعو الدفاع المدني في حلب الشرقية، مع كثافة الغارات عاجزين عن التحرك، خصوصاً بعدما استهدفت الغارات صباح أمس، مركزين تابعين لهم، ولم يتبق لهم سوى سيارتين للإسعاف.
وتحدث سكان وناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي عن «صواريخ جديدة» تسقط على حلب، وتتسبب في ما يشبه «الهزة الأرضية».
وقال مراسل «فرانس برس»، إن تأثيرها مدمر، إذ تتسبب بتسوية الأبنية بالأرض، وبحفرة كبيرة «بعمق خمسة أمتار تقريباً»، شاهدها في بعض أماكن سقوط الصواريخ.
المصدر: الإمارات اليوم