كاتب وصحفي سعودي
دعاني جاري لحضور مناسبة تخرج شقيقه بتفوق في كلية الطب من جامعة الدمام. كان اللقاء ملهما. أسرتني ابتسامة ابن والد الدكتور الجديد وأشقائه الذين يحيطونه بزهو. لكن سعادتي الأكبر كانت عندما أسر لي الطبيب الجديد بقصة تفوقه.
لقد عاني فهد من الربو صغيرا. كلما خرج إلى الشارع وعاد تعرض لانتكاسة صحية دفعته إلى مراجعة طوارئ المستشفى وربما النوم فيه. اتخذ والده قرارا مبكرا بعدم خروج ابنه إلى الشارع حفاظا على صحة ابنه وقلب زوجته الذي يتفطر كلما شاهدت جسد ابنها الغض وليمة للأجهزة الطبية.
لا يشاهد فهد الشارع سوى عند ذهابه إلى المدرسة مع السائق وعودته منها. لم يكن أمامه خيارات لتمضية الوقت سوى قراءة مجلات الأطفال. في أحد الأيام لم يجد أبوه المجلة التي يتابعها ابنها. نفدت من السوق. بحث عنها في أكثر من مركز تجاري ولم يعثر عليها. رأى ألا يعود إلى المنزل دون أن يحمل في يديه شيئا يقدمه لابنه الجائع للقراءة. مر على المكتبة وقطف مجموعة كتب من ضمن سلسلة (الناجحون) التي تصدرها دار العلم. يتناول كل كتاب سيرة شخصيات إسلامية، مثل: عمر بن الخطاب، وعبد الرحمن الداخل، وطارق بن زياد، وعالمية مثل: هيلين كيلر، ونابليون بونابارت. وتراوح صفحات الكتاب بين 80-100 صفحة تلقي الضوء على شخصية ناجحة. تضايق فهد عندما علم بعدم توافر مجلته المفضلة، وتضايق أكثر عندما قدم له أبوه هذه المجموعة من الكتب التي رآها خشنة وممضة وعسيرة. وضعها فهد بامتعاض بجوار سريره. تركها أسبوعين دون حتى أن يلمسها. لكن في الأسبوع الثالث شعر بملل جسيم. تناول كتابا ليتصفحه فما لبث أن انتهى منه. لم ينم حتى قرأ الثاني. ولم يكمل أسبوعا حتى قرأ فهد وهو في صفه الخامس ستة كتب من سلسلة (الناجحون).
يعتقد فهد أن هذه الكتب أسهمت في أن تجعله كتلة من الحماس والرغبة في النجاح. إن عالم القراءة سحري ومثير وساحر. لا يعرفه سوى من ولجه وعاشه. لقد حولت القراءة فهد من شخص فقير من الأصدقاء والمتعة إلى مليء بالطاقة والإقدام.
علينا أن نتذكر أن الظروف الصعبة تهدينا أجمل مما ننتظر ونترقب.
المصدر: الإقتصادية
http://www.aleqt.com/2014/08/14/article_876553.html