في كل مجتمع كتّاب شبّيحة عدوانيون يحملون روح الإنتقام ومحبة القصاص ويوزعون الكراهية بأقلامهم لا يرون إلا السيئات ولا يبصرون إلا السلبيات وهم عمي عن رؤية الفضائل بكمٌ عن قول الحق خُرسٌ عن النطق بالوفاء وهم متشنّجون ليلاً ونهاراً إما لتربيةٍ أسرية ظالمة جائرة عاشوها في بيوتهم فكرهوا بسببها المجتمع وضاقوا بالناس وصاروا يقتصون من غيرهم في كل مناسبة، وإما أنهم حاولوا النجاح فما استطاعوا فأسرّوا في أنفسهم العدوانية على الناجحين فهم يضيقون بكل لامع ويموتون حسرة من كل مؤثر وكلما بزغ نجمٌ في أي فنٍ أو تخصص رموه بالعظائم وصغّروا من قدره وقلّلوا من شأنه، أبداً لا يثنون على أي حسنة ولا يشيدون بأي فضيلة ولا يفرحون بأي إنجاز لأن الغدد المتورّمة في أفكارهم من الحقد والحسد تغطي رؤيتهم للمحاسن ولو استعرضت مقالات الكتّاب الشبيحة لرأيتها كلها انتقاماً وتذمراً وسباً وشتماً وانتقاصاً،
يا سبحان الله أليس عند الناس كمال؟ أما في المجتمع أخيار؟ أليس عند كل إنسان إيجابيات وسلبيات؟ فما لي هؤلاء القوم بل الكتّاب الشبيحة لا يرون إلا العيب ولا يكتشفون إلا الخطأ ولا يعثرون إلا على الذنب؟ من الذين ربّاهم على تتبع النقائص؟ ومن الذي درّبهم على تلمس المثالب؟ وما هو سرّ تلذذهم بجلد الناجحين وصلب المتفوقين وتمريغ كرامة الموهوبين وتدنيس مكانة اللامعين؟ ثم ماذا كسبوا من هذه العداونية والكراهية والحقد الدفين والغل المتقيّح والصديد الانتقامي الكامن في قلوبهم كمون الغدد السامة في الجسم التالف المريض،
أيها الكتّاب الشبيحة الحياة جميلة وفي الناس أبرار والدنيا بخير فاغسلوا ضمائركم بماء الحب وعطّروا أفواهكم بورد السلام وطهروا قلوبكم بنهر الإيمان والرضى وكونوا سلاماً على أنفسكم وعلى المجتمع فلن تضروا إلا أنفسكم وسوف تستمر الشمس بهيّةً ساطعة لا يطفئها نفخ حاسدٍ ضعيف وسوف تبقى النجوم بهيّةً مرتفعة لا يسقطها هذيان حاسدٍ مريض وشكراً لمن يبصر الجمال ويكتشف الفضائل ويمدح المناقب ويشيد بالنجاح وتبّاً لمن يتربّص بالخلق ويعترض على الخالق ويكفر بالمحاسن ويفرّغ سمومه القاتلة في الأجسام السليمة البريئة.
خاص لـــ (الهتلان بوست)