ينتشر وباء الكوليرا في اليمن، انتشار النار في الهشيم، ما أثار مخاوف المنظمات الدولية من خروجه عن السيطرة في غضون أشهر قليلة، خاصة مع التزايد المتصاعد يومياً للحالات المصابة بالإسهال المائي، والتي تتراوح بين 2000 و3000 حالة يومياً، وتعد في نظر العاملين في القطاع الطبي مشتبهة بإصابتها بالكوليرا، فضلاً عن الارتفاع المستمر في أعداد الوفيات بهذا الوباء.
وتتزايد مخاوف المنظمات الدولية العاملة في اليمن، من خطورة تفشي الوباء، الذي «ينتشر بسرعة غير مسبوقة» حسب منظمة الصحة العالمية، بفعل ضعف الاستجابة لتمويل أنشطة المنظمات الدولية، وعجز القطاع الطبي اليمني عن مواجهة هذه الجائحة، مع توقف أكثر من نصف المرافق الطبية عن تقديم خدماتها للسكان، وعمل ما تبقى من هذه المرافق بنحو 50% من طاقتها، بسبب توقف صرف مرتبات العاملين في القطاع الطبي منذ 8 أشهر، وانعدام التمويل للنفقات التشغيلية للمنشآت الطبية.
صعوبات
وتواجه المستشفيات والمراكز الطبية في اليمن صعوبة بالغة في استيعاب الحالات المتزايدة من المصابين بالإسهالات الحادة، وخصوصاً في العاصمة صنعاء التي تكتظ أروقة المستشفيات التي تستقبل المصابين بالكوليرا، ما دفع المنظمات الدولية إلى نصب مخيمات فيها لاستيعاب الأعداد المتزايدة من المصابين، ومع ذلك تبقى القدرة الاستيعابية أقل بكثير من أعداد المصابين.
في مستشفى السبعين بصنعاء، والذي يعد من أكبر المستشفيات التي تستقبل المصابين، ونصبت في فنائه مخيمات لاستيعاب الحالات المتزايدة بدعم من منظمة اليونيسف، بعد أن اكتظت بهم غرف وممرات المستشفى، هناك شاهدنا أربع نساء يحملن امرأة ستينية ملفوفة ببطانية، بعد أن ساءت حالتها ولم تعد تقوى على السير.
وقالت ابنتها إنها تعاني من إسهال وقيء منذ يومين، وبالرغم من نقلها إلى المستشفى للعلاج، إلا أن مرافقاتها استمرين ولعدة ساعات وهن يبحثن عن سرير شاغر في المخيم دون فائدة، وعندما ساءت حالتها أكثر وجه الطبيب المشرف على المخيم بنقلها للعناية المركزة.
ضعف القدرة الاستيعابية للمرافق الطبية، دفع السلطات اليمنية لفتح مراكز جديدة بدعم من المنظمات الدولية، وبحسب الدكتور عبدالحكيم الكحلاني مدير عام مكافحة الأمراض في وزارة الصحة والناطق باسم الوزارة، فإن هناك جهوداً تبذل من أجل فتح خمسة مراكز أخرى في العاصمة، بالتعاون مع منظمة اليونيسف ومنظمة الصحة العالمية وأطباء بلا حدود والصليب الأحمر.
أسوأ أزمة
وتؤكد منظمة اليونيسف أن هذه «الموجة من تفشي الكوليرا، تمثل أسوأ أزمة صحية في اليمن». وحسب المنظمة، فإن عدد «المصابين بالإسهالات المائية الحادة وصل إلى 38376 حالة حتى مساء الخميس الماضي، في 19 محافظة يمنية، أكثرها تضررا العاصمة صنعاء، منها 313 حالة مؤكدة مخبرياً، بينما بلغ عدد الوفيات المرتبطة بالكوليرا 398 حالة قضت خلال أربعة أسابيع فقط».
وحذرت منظمة أطباء بلا حدود من تفشي الكوليرا في اليمن. وقالت المنظمة في بيان، «نحن قلقون للغاية أن انتشار المرض سيستمر ويخرج عن السيطرة»، خاصة وأن الحصول على الرعاية الصحية أصبح صعباً للغاية على ملايين اليمنيين.
من جانبه قال مسؤول العمليات لدى اللجنة الدولية للصليب الأحمر دومينيك ستيل هارت، إن «سرعة انتشار الوباء في اليمن وصلت إلى أبعاد مقلقة». ويعتقد هارت أن جميع اليمنيين تقريباً باتوا تحت تأثير الوباء.
كما حذرت منظمة حماية الأطفال في اليمن من تفشي الوباء، والذي من الممكن أن «يصبح وباءً كاملا مع توقع أكثر من 65 ألف حالة بحلول نهاية يونيو المقبل بالمعدلات الحالية».
وقالت المنظمة في موقعها الرسمي، إن اليمن «يشهد في المتوسط أكثر من 1000 حالة يشتبه بإصابتها بالكوليرا يومياً، وأن المرض ينتشر بسرعة كبيرة يصعب التحكم فيه بدون موارد كافية». وأكدت أن عدم السيطرة على الكوليرا «بحلول بداية الموسم القادم للأمطار في يوليو المقبل فإن الآلاف سيموتون بدلاً عن المئات»، بينما تؤكد منظمة الصحة العالمية، أن حالات الإصابة بالإسهالات المائية تتراوح بين 2000 و3000 يومياً.
المصدر: البيان