د.سلطان أحمد الجابر
د.سلطان أحمد الجابر
وزير الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة في دولة الإمارات العربية المتحدة

محطة جديدة في مسيرة الإنجازات الدبلوماسية

آراء

منذ أيام معدودة، أصبحت الإمارات العربية المتحدة أول دولة عربية يُعفى مواطنوها من تأشيرة الاتحاد الأوروبي «شنغن» وذلك في إنجازٍ جديد حققته الدبلوماسية الإماراتية على الساحة الدولية متوجةً مسيرةً زاخرة بالنجاحات في إطار السعي المتواصل نحو التميز والارتقاء بالخدمات المقدمة لمواطنيها. هذا الإنجاز أرست دعائمه قيادتنا من خلال رؤيتها المستقبلية بعيدة الأمد، حيث وضعت أمامها هدفاً رئيساً لا تحيد عنه بأن تكون دولة الإمارات وشعبها دوماً في المراتب الأولى في شتّى المجالات والقطاعات. وسخَّرت في سبيل ذلك كافة الإمكانات، وذلّلت كل العقبات كي تتحول الطموحات إلى واقع ملموس يعيشه كل أبناء الوطن.

وكلنا ثقة بأن هذا الإنجاز الدبلوماسي، على أهميته الكبيرة، لن يكون الأخير لدولة فتية في عمرها وكبيرة في طموحاتها، دولة نجحت في تحويل التحديات إلى فرص والعقبات إلى إنجازات. وينضم هذا السبق إلى الإنجازات المتتالية للدبلوماسية الإماراتية التي تجسّد نموذجاً للأداء المتميز الذي مكنّها من القيام بدور حيوي مشهود له في المحافل الدولية. فمنذ سنوات، حازت الدبلوماسية الإماراتية بقيادة سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، وزير الخارجية، على ثقة المجتمع الدولي عندما فازت أبوظبي باستضافة المقر الرئيسي لـلوكالة الدولية للطاقة المتجددة (آيرينا) في مدينة «مصدر»، وكانت الدبلوماسية الإماراتية أيضاً خير سند ومعين لجهود الدولة التي تكللت بالنجاح في استضافة كل من معرض إكسبو الدولي 2020 في دبي، والمنتدى العالمي للطاقة 2019 في أبوظبي. وإنْ دلت هذه النجاحات المتتالية على شيء، فإنما تدل على قدرة الدبلوماسية الإماراتية على التخطيط الدقيق والمتعمق، والتواصل الفعال والتأثير الناجح لتحقيق المصالح الوطنية.

ولا بد هنا من التأكيد على أن قرار البرلمان الأوروبي بإعفاء مواطني الدولة من تأشيرة «شنغن» لم يأت بين ليلة وضحاها، بل كان حصيلةَ جهودٍ دبلوماسية حثيثة، ونتيجةً لتكاتف العديد من فرق العمل التي واظبت على تنفيذ التوجيهات الدبلوماسية المحنكة لسمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، ليتحقق هذا الهدف الذي يصبُّ في مصلحة أبناء الوطن.

وعبْرَ هذا الإنجاز وغيره، تؤكد الدبلوماسية الإماراتية يوماً بعد يوم نجاحها في علاقات التعاون الدولي، لأنها تحرص على ترسيخ حضورها على الساحة العالمية من خلال الدمج بين الدبلوماسية الطامحة إلى الانفتاح على دول العالم والحفاظ على ثوابت الهوية الوطنية والثقافية للدولة، والمُنْطلِقة من رؤيةٍ سياسية واضحة تنتهج الحِكمة والاعتدال والتسامح، وحماية الحقوق واحترامها.

وهذا النهج في السياسة الخارجية الذي أسس له المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان «رحمه الله»، وسار عليه صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة «حفظه الله»؛ وأخيه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي «رعاه الله»؛ وبمتابعة حثيثة من قبل صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة؛ مكَّن دولة الإمارات من مدِّ جسور التعاون والتواصل وبناءِ علاقات استراتيجية طويلة المدى تسعى من خلالها إلى تقديم طاقة إيجابية لما فيه مصلحة الوطن والمنطقة والعالم.

واستمراراً لهذا التوجه وتماشياً مع توجيهات القيادة بأن تكون الدبلوماسية المبنية على العلم والمعرفة واستشراف آفاق المستقبل نهجاً متواصلاً في السياسة الخارجية للدولة، جاء مبادرة إطلاق «أكاديمية الإمارات الدبلوماسية»، التي تشرفتُ بتكليفي بالعمل على تأسيسها، لتكون ركيزة رئيسية ضمن منظومة العمل الدبلوماسي الإماراتي، بحيث تسهم في تمكين وتدريب وتطوير الكفاءات والكوادر المواطنة لينطلق منها سفراء المستقبل وقيادات العمل الدبلوماسي بعد حصولهم على ما يحتاجونه من صقل المهارات والتعليم والخبرة والمعرفة التي تؤهلهم للقيام بدور مهم في دعم أهداف السياسة الخارجية لدولة الإمارات ومواصلة مسيرة الإنجازات وتحقيق تطلعات القيادة في أن يكون اسم الإمارات العربية المتحدة وعلمها عالياً وخفاقاً في جميع المحافل الدولية.

وستباشر «أكاديمية الإمارات الدبلوماسية» عملها في الربع الأخير من هذا العام من خلال فريق متكامل يضم نخبة من الخبراء والمتخصصين، لتكون شاهداً جديداً على تميز الدبلوماسية الإماراتية القائم على العلم والخبرات والاستفادة من التقنيات والوسائل الحديثة التي تسهم في ضمان استمرارية الأداء الناجح للسلك الدبلوماسي.

لقد حققت الدبلوماسية الإماراتية إنجازات كبيرة، وهذا يلقي على عاتقنا جميعاً مسؤولية أكبر، فمواصلة مسيرة النجاح تحتم علينا، كمواطنين مخلصين، العمل بكل قدراتنا وطاقاتنا لنكون أهلاً لثقة القيادة، وأن نتسلح بالعمل والخبرة والمعرفة لتحقيق ذلك، فكل إماراتي هو سفير للوطن ويحمل في سلوكه وتصرفاته مبادئها ورسالتها الإنسانية للعالم أجمع، لأن أبناء دولة الإمارات هم «عيال زايد» الذين يسيرون على نهجه لضمان رفعة وطنهم ومواصلة مسيرة الريادة العالمية.

المصدر: الاتحاد
http://www.alittihad.ae/wajhatdetails.php?id=84624