كاتب إماراتي
أبتسم وأنا أقرأ الخبر المنشور عن قيام السلطات المختصة في إحدى الدول الخليجية الشقيقة، بإيقاف أحد الأشخاص وتحويله إلى النيابة بتهمة تزوير صك لأرض تجارية بقيمة ملياري درهم! أتساءل: يا ترى هل النصاب (الرجل المقبوض عليه) يؤمن تماماً بالمثل السيئ الذي يقول: «إذا سرقت فاسرق جمل، وإذا عشقت فاعشق قمر». يقول صديقي الذي أخبرني بالمثل، إنه مثل شائع في إحدى دول الربيع العربي، لكنه لم يوضح لي في أي فترة تم تأليف المثل، وفي أي فترة تم تطبيقه، وفي أي فترة يتوقع أن تتم الاستفادة منه؟
أبتسم وأنا أقرأ الخبر وأتذكر تلك القضية التي كتبت عنها صحفنا المحلية قبل عامين تقريباً، عندما نظرت نيابة دبي قضية تزوير «بطاقة مواقف سيارات»، وحين تذهب إلى تفاصيل الخبر تجد أن المزور (بكسر الواو) لم يقم بتزوير بطاقة مواقف سنوية، أو بطاقة مواقف لدخول برج العرب، بل زوّر بطاقة «قوم بودرهمين»، التي توضع على زجاج السيارة، تحول بسببها إلى الجهات المختصة.
«مليارين وريالين»، لو كنت قاضياً لطلبت من اللص في القضية الثانية أن يكرر هذه الجملة أربع مرات بسرعة، وإذا نجح فسأفرج عنه، وأعطيه من جيبي الخاص بطاقة مواقف صالحة للاستخدام لمدة عام قمري كامل!
هناك قصة ترويها كتب الصالحين عن رجل ذهب لشراء صاع من التمر (ربما كان يريد أن يدفع به الزكاة)، فغافل البائع وأضاف أربع تمرات إلى الصاع، ثم غافله البائع فأنقص أربع تمرات من الصاع.. وافترقا وكل منهما سعيد بأنه غلب صاحبه.. والعبرة بالطبع أن كليهما قد أخذ وزر السرقة، فالبائع يريد سرقة الزبون، والزبون يريد سرقة التاجر، وفي النهاية أخذ كل منهما حقه بلا زيادة، لكنه حصل على «بونوص» الإثم.
المثل السيئ أعلاه أيضاً ربما كان له أصل في موروثنا الذي يقول: «من يسرق تمرة فسيسرق جمل»، لأن «كونسبت» السرقة واحد، وهو الاستعداد لأخذ حق الغير بغير وجه حق، سواء كان ذلك الحق مادياً أو حتى معنوياً، فالكثير يحجم من باب الأخلاق على الخوض في أموال الآخرين، لكنه لا يجد أي غضاضة عن الخوض في أعراضهم وأحلامهم وطموحاتهم، لأنه يرى أنها «مجاناً» وليس لها قيمة مادية!
نعود إلى صاحب المليارين.. وحلمي بأن أصبح قاضياً مرعباً.. فهل كنتُ سأكتفي بقطع يده؟!
المصدر: الإمارات اليوم