ما يميز التغييرات الجديدة للحكومة التي شكلها خادم الحرمين الشريفين نهاية الأسبوع المنصرم، أنها لا تقتصر فقط على العدد الكبير من الدماء الجديدة التي دخلت معترك العمل الوزاري، ولا بالتغييرات في البناء الهيكلي لمؤسسات الدولة ووزاراتها والمتمثل في دمج وزارات وإلغاء هيئات، بل في تقديري يكمن التميز اللافت في خلق مجلسين متخصصين لإدارة الدولة معنيين بالتركيز على إدارة وتطوير ومراقبة أداء المكونات الأهم للمرحلة القادمة في بناء الدولة، والمتمثلة في الأمن والسياسة من جهة والاقتصاد والتنمية من جهة أخرى.

لمن يقرأ هذا القرار التاريخي يمكنه أن يلمس نية حقيقية لدى القيادة في الارتقاء بالعمل الحكومي لدرجة أعلى من الكفاءة والإنجاز، وذلك على اعتبار أن المجلسين في لغة القطاع الخاص أشبه بمجلسين تنفيذيين لإدارة المكونات سالفة الذكر، حيث ستكون المتابعة الدقيقة واقعا أكثر إمكانية نتيجة تركيز عمل ذلك المجلس أو ذاك بهموم ومتطلبات وتحديات العمل المناط بها، فتحديد الأهداف سيكون أكثر دقة، وتطبيق الآليات ومراقبة الأداء سيكونا أكثر نجاعة ونجاحا، والخروج بنتائج تتماشى مع الاستراتيجيات والأهداف العامة التي تضعها الدولة من خلال مجلس الوزراء الموقر سيكون أكثر إمكانية وواقعية.

أما بالنسبة للجانب التنفيذي فإننا نجد أن اختيار عدد كبير من الوزراء ممن لهم خبرة طويلة وناجحة في العمل الخاص من خلال إدارة مؤسسات وشركات حققت نتائج لافتة في مجال تخصصها يمكننا أن نعدّه الوسيلة التي من خلالها يمكن تحويل التوجهات والأهداف لواقع ملموس، فهؤلاء الوزراء يعلمون أن النتائج تقاس بمؤشرات الأداء الرئيسة، وأن النجاح لا يأتي فقط من خلال العمل الدؤوب، بل من خلال وضع الآليات الصحيحة والدراسات الاستباقية واختيار الكفاءات العملية المؤهلة والمتابعة الحثيثة والدائمة لكل مراحل العمل، فكل وزير يعلم جيدا أن رئيس مجلسه سيطلب بشكل مستمر تقارير للأداء وتوضيحات مستمرة عن التحديات، وسيسأل بحزم عن سبب الإخفاقات إن حدثت، لا سمح الله.

مجلس الوزراء الذي سيكون أشبه بمجلس إدارة الدولة سيكون المحاسب الأول على أداء الوزراء وبالتالي المجلسين، ووجود كل من الأميرين محمد بن نايف صاحب النظرة الثاقبة والتجربة العملية الناجحة والأمير محمد بن سلمان صاحب العقلية المدركة لمتطلبات المرحلة والحماس الكبير، سيكفلان بعون الله تحقيق إنجازات توازي تطلعات خادم الحرمين الشريفين، حفظه الله، وطموح أنباء وبنات الوطن كافة.

المصدر: الوطن أون لاين
http://alwatan.com.sa/Articles/Detail.aspx?ArticleID=24932