كاتب إماراتي
تخيل أنك مواطن أو مواطنة تعمل في وظيفة رئيس قسم في شركة شبه حكومية، فاتخذ مجلس الإدارة قراراً بنقل أحد المديرين التنفيذيين ليكون مسؤولاً عن الإدارة التي تعمل فيها، وتخويله بإعادة هيكلتها والتخلص من فائض الموظفين غير المواطنين في خطوة تهدف إلى ترشيد النفقات وتحسين الإنتاج.
وتخيل أن ينجح المدير التنفيذي في خطته ليستغني فعلاً عن خدمات الموظفين الأجانب وبما يحقق مصلحة الشركة، ثم يبدأ بعدها في الخطة الثانية الساعية للسيطرة على إدارته لتطفيش الموظفين المواطنين من الإدارة، لأنه يفكر في إحضار موظفيه السابقين من إدارته القديمة إلى الإدارة الجديدة التي انتقل إليها.
تخيل أنك أنت رئيس أو رئيسة القسم التي تتعامل يومياً مع هذا المدير الذي يضايقك على مدار الساعة، يزعجك بالاتصالات الضرورية وغير الضرورية، يختلق أي مشكلة لتوبيخك، يتعمد إحراجك أمام بقية الموظفين والموظفات، يضغط عليك عن طريق تكليفك بواجبات ومهام وظيفية لا تستطيع إنجازها، ثم تجد أنه بقدرة قادر قد انتقل مكتبك من مكانه إلى مكان ضيق قرب أحد الممرات دون أي خصوصية تذكر.
تخيل أن تجد بين كل يوم وآخر ورقة صغيرة ملصقة على حاسبك الإلكتروني مكتوباً عليها كلمة «استقيل»، وتُسحب منك جميع المشروعات التي تعمل عليها فيصبح عملك عبارة عن حضور وانصراف، يكون فيه المدير كابوساً لا يطاق في أوقات الدوام الرسمي، ويزورك على شكل «جاثوم» في الأحلام.
تخيل أن تستمر كل هذه المضايقات لفترة طويلة، لا حول لك فيها ولا قوة، تجد فيها أنك لست الوحيد الذي على شفا حفرة من الجنون، بل يشاركك في هذه الحالة بقية موظفي القسم، الذين لا يختلف وضعهم عنك في أي شيء يتعلق بممارسات المدير.
تخيل أنّ كل ما كُتب أعلاه ليس ضرباً من خيال كاتب ولا شطحة من شطحات مؤلف، بل واقع يحدث في إحدى الشركات وربما في جهات أخرى لا أعرف عنها شيئاً، ولنفرض أنك قد تعرضت فعلاً لكل ما سبق، وصرت في وضعية شبه ميئوس منها بين المطرقة والسندان، ليقفز السؤال الأهم في خضم هذه الحال المزرية، هل ستهرب عن طريق تقديم استقالتك؟ أم ستستسلم للذل والإهانة؟ أم ستظل حائراً لا تعرف لمن تشتكي؟
المصدر: الإمارات اليوم