كاتب سعودي
كان يتجول على أقسام الشركة، يسلم على الموظفين، يتحدث معهم، يبتسم لهم، يمازحهم، يشيد بإنجازاتهم ويفتخر بهم أمام الآخرين.
هذا مدير تنفيذي يمر على فريق العمل من دون رسميات، ومن دون شكليات، لباس عملي ومظهر بسيط لا يتميز به عن الآخرين. هذا المدير الذي وصل إلى منصبه بتأهيله العلمي المميز وخبرته العملية الناجحة يتعامل مع الموظفين بتواضع، هو زميل وصديق للجميع. يفعل ذلك لأنه واثق من نفسه، ولأنه يدرك أن بيئة العمل الإنسانية هي البيئة المنتجة للسعادة المهنية للفرد، والتي تنعكس إيجابياً لمصلحة الشركة. هذا المدير المبتسم المتواضع صديق الجميع هل يتنازل أو يجامل في موضوع معايير الأداء والإنتاجية والقيم الأخلاقية والمهنية؟ أبداً، وهذا هو التحدي والنمط القيادي الذي يجمع بين المهنية والجانب الإنساني، هو يوجد بيئة عمل يسودها الاحترام والتعامل الإنساني الراقي وفي الوقت نفسه هي بيئة تطبق المعايير المهنية العالية التي يخضع لها الجميع. حقوق وواجبات وتوازن بين مصلحة الفرد ومصلحة المنظمة. بيئة تجعل المنظمة (شركة، مؤسسة، هيئة.. إلخ) كأنها أسرة يربط بين أفرادها الحب والتعاون لتأمين احتياجات الأسرة وأمنها ومستقبلها. القيادة التربوية للأسرة والحب والعواطف والرعاية لا تسمح بالتنازل عن ما يخل بأمن الأسرة ومبادئها.
في بيئة العمل التي يقودها قيادي متواضع ينسب الإنجاز إلى صاحبه، ويقدر المنجز مهما كان مستواه الوظيفي أو طبيعة عمله. هذا المدير المتواضع هو في الغالب مدير متمكن علمياً ومهنياً، لا يهتم بالمظاهر ولا ينتظر المديح، هو مدير عملي ينتظر من فريق العمل الإنجاز والإبداع. لا يعني هذا أنه رئيس آلي، هو إنسان في المقام الأول يحرص على جعل بيئة العمل بيئة إنسانية تحترم الإنسان أولاً، وتحترم وتطبق المعايير المهنية، ولا تقبل التنازل عن معايير الجودة ولا تتوقف عن التطوير.
هذا النمط الإداري الذي نتحدث عنه كان يوصف صاحبه بأنه ضعيف. كان مفهوم الإدارة عند البعض هو انعزال المدير في مكتبه والتعامل مع الأوراق وليس مع الناس. ومع تراجع قوة الأوراق أمام طوفان التقنية أدرك البعض أهمية التواصل الإنساني المباشر رغم أن التقنية تحقق له التواصل مع الجميع لكن تأثير التواصل التقني لا يقارن بالتواصل المباشر.
مما قيل عن التواضع: (أذكر نفسي مئات المرات في اليوم بأن حياتي تعتمد على جهد وعمل رجال آخرين، سواء كانوا أحياء أم أمواتاً، وأنه يجب أن أبذل قصارى جهدي لأعطي المقدار نفسه الذي أخذت به وما زلت آخذ به.. ألبرت أينشتاين).
المصدر: الرياض