تنطلق الليلة من جوار مسجد قباء، فعاليات «المدينة عاصمة الثقافة الإسلامية 1434هـ – 2013م»، التي يرعاها ويطلقها الأمير سلمان بن عبد العزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع السعودي، وتنتظر المدينة المنورة حدث إعلانها عاصمة للثقافة الإسلامية والتي ستستمر مدة عام كامل.
وأعرب عدد من الأمراء والمسؤولين والشخصيات الدينية والأكاديمية عن تقديرهم لهذا الحدث التاريخي، كما ثمن الجميع لولي العهد السعودي رعايته لهذه المناسبة، حيث عبر الأمير فيصل بن سلمان بن عبد العزيز أمير منطقة المدينة المنورة رئيس اللجنة العليا لمناسبة إعلان المدينة المنورة عاصمة للثقافة الإسلامية 2013م، باسمه ونيابة عن أهالي المنطقة عن صادق الشكر والعرفان لولي العهد السعودي لزيارته للمنطقة ورعايته لحفل الافتتاح في رحاب مسجد قباء، بحضور حشد من الأمراء والعلماء والمشايخ والوزراء والمسؤولين والنخب والشخصيات الثقافية والفكرية والإعلامية، ولرعايته هذه الاحتفالية التاريخية التي ستستمر على مدى عام كامل.
رحب أمير منطقة المدينة المنورة في تصريح لوكالة الأنباء السعودية بضيوف هذه التظاهرة الثقافية الإسلامية البارزة التي عدها تجسيدا رائعا لما تحتله المدينة المنورة من مكانة عظيمة في قلب كل مسلم بوصفها العاصمة الأولى للثقافة الإسلامية منذ الهجرة النبوية الشريفة إليها.
وأكد أن اختيار المدينة المنورة عاصمة للثقافة الإسلامية 1434هـ – 2013م يرسخ واقع مكانتها في قلب كل مسلم ويضفي على المناسبة فخرا وسموا ورفعة، فالمدينة المنورة هي منطلق الرسالة المحمدية، منها شع نور الإسلام وانتشر في سائر أرجاء المعمورة.
منوها بما حظيت به منطقة المدينة المنورة، بالكثير من الرعاية والاهتمام المتواصل من القيادة الرشيدة منذ عهد المؤسس الملك عبد العزيز – طيب الله ثراه – إلى عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود مما أسهم في تحقيق الكثير من الإنجازات الحضارية والتنموية وفي مقدمتها عمارة وتوسعة المسجد النبوي الشريف ومشروع تطوير المنطقة المحيطة بالمسجد النبوي الشريف والكثير من المشروعات الضخمة التي يسطرها التاريخ بكل الفخر والاعتزاز.
وعد الأمير فيصل المناسبة بعدا إسلاميا عالميا وعنوانا بارزا للتعريف بمقومات النهضة والتنمية والرقي وما تمتلكه ثقافتنا الإسلامية من موروث يحظى باهتمام كبير من جميع أبناء الأمة الإسلامية، كما تجسد هذه المناسبة إبراز جانب كبير من مقومات نشر الثقافة الإسلامية وتعزيز ثقافة الحوار بين الحضارات وإشاعة قيم التعايش والتفاهم والسلام بين الشعوب، معربا عن أمله أن تلامس الفعاليات في مضمونها وأهدافها النبيلة حاجات المجتمع الإسلامي والإنساني.
فيما أشار الأمير نواف بن فيصل بن عبد العزيز الرئيس العام لرعاية الشباب، إلى أن اختيار المدينة النبوية العاصمة الثقافية الإسلامية أمر له أهميته المتفردة عن أي مدينة أخرى.
وقال في تصريح بهذه المناسبة «إن المدينة المنورة هي النواة لتأسيس وبناء الدولة الإسلامية الفتية التي غمرت بأنوارها المشرق والمغرب ومركز الخلافة الإسلامية ومنطلق الرؤى لرسم السياسات لأصقاع الدولة الإسلامية».
وأضاف: «إن العودة للمدينة المنورة هذه المرة يعني العودة إلى الجذور والمنبع الأمر الذي يتطلب توجيه الجهود نحو إعادة قراءة ثقافتنا وموروثنا وفق رؤية جديدة مغايرة تتلاءم مع روح العصر دون المساس بالثوابت والمبادئ التي نشأنا عليها كأمة تدين بدين واحد على شرع الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم».
وأوضح الأمير نواف بن فيصل أن المدينة المنورة وطن لكل المسلمين وتستعيد اعتبارها ومكانتها الحقيقة في وعي المسلمين، وتشكل أبعادا لمعنى عاصمة للثقافة في أذهان الناس، وتعيد استئناف دورها ومكانتها في أذهان ووجدان الناس، وتجلي صورة فريدة للمدينة المكان والمعنى، لافتا إلى أن طيبة الطيبة تعيد تقديم صورة الثقافة والإسلام المثل والقيم والمبادئ والسلوك والمعرفة.
وقال الأمير نواف: «إن المدينة التي أحبت رسول الله – صلى الله عليه وآله وسلم – فأحبها ودعا لحبها أحب أهلها رسول الله فأحبهم، وأشهد الله على حبهم، فلا يزال الخير والفضل فيها، وجعل الهجرة إليها – قبل الفتح، ثم المجاورة فيها بعد ذلك.
إلى ذلك قال لـ«الشرق الأوسط» صالح بن عواد المغامسي أمين عام مناسبة المدينة المنورة عاصمة للثقافة الإسلامية إن البرامج والفعاليات متنوعة، تخاطب الجميع، وتشمل محاضرات وندوات ومعارض ولقاءات متنوعة ومختلفة، بالإضافة إلى إصدار كتب علمية وإعلامية ومسابقات مختلفة، وهناك جدول كامل للفعاليات سيصدر وسيكون بإمكان الجميع الاطلاع عليه ومعرفة الفعاليات وأماكن وتاريخ إقامتها.
وأشار المغامسي الذي يعمل – أيضا – إماما لمسجد قباء في المدينة النبوية إلى أنه تم الاحتفاء بعواصم عدة للثقافة الإسلامية في دول عربية وإسلامية، ولا شك أن لتلك المدن حاضرها الزاهي وإرثها العريق؛ لكن الجميع متفقون على أن اي مدينة لا يمكن أن تقارن بما للمدينة المنورة من خصوصية، إذ إن المعول عليه في الثقافة الإسلامية هو الكتاب والسنة، ومعلوم أن المدينة المنورة هي من شهدت معالم التنزيل ومشى في طرقاتها جبريل وميكائيل، وبها حجرات كان ينزل وسطها من الله نور يستضاء ويوقد.
ووصف المغامسي اختيار مسجد قباء مقرا لتدشين المناسبة، حيث إن ضاحية قباء هي أول مكان وطئه رسول الله – صلى الله عليه وسلم – في هذه البلدة المباركة، وأقام فيها أول مسجد في الإسلام؛ لتتأكد بذلك ربط هذه المناسبة بالحدث الذي كان شامة في جبين الأيام وتاجا في مفرق الأعوام ألا وهو هجرته – صلى الله عليه وسلم – إلى المدينة المنورة.
بينما أكد الدكتور فهد بن عبد الله السماري الأمين العام لدارة الملك عبد العزيز رئيس اللجنة الاستشارية لمناسبة المدينة عاصمة للثقافة الإسلامية عضو مجلس نظارة مركز بحوث ودراسات المدينة المنورة أن الاحتفالية، تعد فرصة مواتية لاستظهار القيم الإنسانية النبيلة في الإسلام وإعادة قراءتها بصوت عالمي، وتقديمها للعالم في حقيقتها الخالصة كونها المكون الرئيس في الثقافة الإسلامية، وكذلك السعي لإبراز معاني التسامح والتكامل مع الآخر وعمارة الأرض بالخير والسلام والأمن.
وقال: «لقد انتشرت من طيبة الطيبة تعاليم ديننا الحنيف السمحة وشعت رسالة الإسلام للناس كلهم، وسنة المصطفى محمد صلى الله عليه وسلم، وأعيدت صياغة الأخلاق، وجسدت المبادئ والتعاليم الربانية في التعاملات الحياتية، فكانت المدينة المنورة المجتمع الأول لتطبيق تفاصيل الشريعة الغراء، وبناء مرتكزات الثقافة الإسلامية قبل أكثر من أربعة عشر قرنا».
ورأى السماري أن المناسبة جديرة بإعادة قراءة تاريخ المدينة المقدسة، والعناية بمآثره العمرانية والفكرية، وتجديد استقراء الحدث التاريخي الإسلامي وإظهار جوانبه العميقة في النواحي السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية للذود عن الإسلام وتنقية الأفكار المشوشة والمعكرة لدى الآخر عن رسولنا صلى الله عليه وسلم والوقوف بالحجة الدامغة أمام الإساءات المتكررة له عليه الصلاة والسلام وللشخصية الإسلامية بصفة عامة.
وقال: «وما يزيد المناسبة ألقا وعمقا الرعاية الكريمة من الأمير سلمان بن عبد العزيز آل سعود ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، فهو مهتم كل الاهتمام بالتاريخ الإسلامي بل ويرى أنه من الضروري استجلاء مزيد من القيم الإسلامية فيه لم تطرق بعد بالبحوث والدراسات المعمقة».
وعد رعاية ولي العهد لهذه المناسبة الثقافية والإسلامية انعكاسا لما تقدمه حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود، لمكة المكرمة والمدينة المنورة بصفتهما المنبع التاريخي والجغرافي لتعاليم الشريعة الإسلامية وكون خدمتهما واجبا إسلاميا وشرفا لنا دون غيرنا وأمانة تاريخية.
ولفت الدكتور السماري، أن المدينة المنورة ستكون على مدى عام كامل عاصمة ثقافية بما يشكل فرصة سانحة مهمة لتوطيد الصلة بين المسلمين جميعا ولجذب مزيد من الباحثين في تاريخها الإسلامي للتأمل والتفحص وإنتاج مزيد من الدراسات وخدمة تاريخ المدينة المنورة وتراثها، فضلا عما تحمله من مضامين تدعو لتوثيق العناية السعودية بمدينة الرسول صلى الله عليه وسلم عموما والحرم النبوي الشريف خصوصا وما حظيت به من الخصوصية والعناية الفائقة امتدادا لعناية الدول الإسلامية السابقة كونها البقعة التي نبتت وترعرت فيها الثقافة الإسلامية في جانبها التطبيقي.
إلى ذلك عد الدكتور محمد بن علي العقلا مدير الجامعة الإسلامية اختيار المدينة المنورة عاصمة للثقافة الإسلامية لهذا العام، تأكيدا لمكانتها، ودورها الرائد في مسيرة الثقافة والحضارة الإسلامية والإنسانية.
وقال الدكتور العقلا إن «المدينة المنورة هي أول عاصمة في الإسلام امتد وهجها الثقافي والحضاري إلى كل الأقاليم والأقطار، حيث كانت النواة الحضارية الأولى، وفيها كان الرسول محمد صلى الله عليه وسلم يعلم أصحابه أمور دينهم ودنياهم لتمتد هذه الثقافة بتوارث هذا العلم إلى يومنا هذا، فالمدينة كانت وما زالت تصنع الثقافة والعلم وتحتضن العلماء ضمن ما تحتضن من علم وثقافة، كما أنها تعد موئلا ومهاجرا لجميع المسلمين من كل الأقطار ينهلون من شتى المعارف ثم يعودون إلى أوطانهم ومجتمعاتهم لينشروا عبير ما قطفوه من عبق ثقافة المدينة النبوية».
بينما وصف الدكتور محمد الأمين بن خطري المدير العام لفرع وزارة الشؤون الإسلامية بمنطقة المدينة المنورة الفعالية بأنها حدث ثقافي تاريخي تتجلى فيه أهمية المدينة المنورة ومكانتها الإسلامية دينا وتاريخا وثقافة وحضارة، مما جعلها محل العناية والاهتمام والتقدير من قبل جميع المسلمين على كل الأصعدة والمستويات، ومحل البحث والدراسة من قبل غير المسلمين.
وقال: إن «المناسبة تعد ترسيخا لمكانة المدينة المنورة، وتأكيدا لذلك الاهتمام المتنامي وتفعيلا لتلك الرعاية المتزايدة التي تشمل جميع الجوانب، والتي يعبر عنها الجميع بالرغبة الشخصية الصادقة في خدمة هذه المدينة الطاهرة، والتي تعكس وتؤكد حقيقة إيمانية راسخة تملأ قلب كل مسلم محب ومتبع لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم والذي أحب المدينة المنورة وأفصح عن ذلك وأكده في أكثر من حديث».
وتحدث الدكتور خطري عن الاهتمام الإسلامي بالمدينة والذي يعكس مكانتها وحب المسلمين لها في الماضي والحاضر، وعلى جميع المستويات، مضيفا أن اهتمام قيادتنا الرشيدة يسجل حضورا غير مسبوق في هذا المجال ويجسد حب هذه القيادة لدينها ولنبيها محمد صلى الله عليه وسلم ومدينته المباركة، حيث ترجم ذلك الحب إلى واقع عملي حي، من خلال مشاريع التنمية والتطوير الشاملة التي نقلتها إلى مصاف أرقى المدن الحديثة، بما تم تدشينه وإنجازه فيها من مشاريع البناء والتطوير، وفي مقدمة ذلك مشروع توسعة المسجد النبوي الشريف الأكبر والأضخم في التاريخ، إلى جانب المشاريع التنموية الأخرى التي وفرت أفضل وأحدث الخدمات للمواطنين والحجاج والزوار والمعتمرين.
وبين أن انعكاسات ذلك الاهتمام وثماره الإيجابية لم تقف عند حدود الخدمات، ولكنها تجاوزت ذلك إلى إعادة المدينة المنورة إلى واجهة التاريخ الإسلامي، وتفعيل دورها العلمي والثقافي من جديد، لتأخذ دورها في الإشعاع العلمي الإسلامي والإنساني كمركز علمي إسلامي يسهم في خدمة الدعوة وتفعيل ونشر العلوم الإسلامية، وذلك من خلال النهضة العلمية المباركة التي شهدتها وتشهدها المدينة في منظومة المملكة بصفة عامة عبر الكثير من المنابر العلمية، وفي مقدمتها المسجد النبوي الشريف مدرسة الإسلام الأولى والذي شع وانطلق منه نور الرسالة إلى العالم كله، إلى جانب الجامعة الإسلامية الصرح العلمي الإسلامي الرائد الذي يعلم العالم كله، من خلال استضافة طلاب العلم من جميع دول العالم، ليعودوا إلى بلدانهم مصابيح للنور والهدى، ما بين عالم ومعلم وداعية وقاض وباحث، بعدما نهلوا من نبع الإسلام الصافي في مدرسته الأولى.
وعد الدكتور الخطيري المناسبة فرصة كبرى لإظهار وتوضيح ما حظيت وتحظى به المدينة من رعاية واهتمام من قبل القيادة الرشيدة، ومناسبة إسلامية لتكريس المزيد من الجهود الثقافية والإعلامية الإسلامية من خارج المملكة للاهتمام بالنشاطات العلمية والثقافية في المدينة المنورة بالتعاون والتنسيق مع الجهات ذات العلاقة التي كانت وما زالت تبذل أقصى الجهود في سبيل إبراز ذلك وفيما يحقق الفائدة المتوخاة منه في خدمة العلوم والثقافة الإسلامية
المصدر: صحيفة الشرق الأوسط