باحثة اقتصادية من الإمارات
هذه العبارة ليست عنوانًا لقصيدة غزلية صاغها شاعر ذو حس مرهف في لحظة تجلٍّ عشقية تخيل معها أن المكان “جسد” ميّت مالم تسكنه روح المحبوبة. و هي كذلك ليست اسمًا لمقطوعة موسيقية رقيقة ألّفها موسيقيٌّ بارع لتنساب ألحانها العذبة في المساحات المقفرة فتدُب الروح فيها وتزهر البساتين. كما أنها ليست لوحة فنية لرسام تراءى له لفرط تعلّقه بالمرأة أن يُجسدّها بفرشاته كائنًا مضيئًا بأجنحة بيضاء يفردها في مساحة حالكة الظلام.
صاحب هذه العبارة الجميلة ليس أيًا من هؤلاء، ولكنه مزيجٌ فريد منهم جميعًا. كان من أوائل من باح بإعجابه وتقديره للمرأة: سرًا وجهرًا، شعرًا ونثرًا، قولاً وفعلاً حتى كاد الناس يخالونها كل المجتمع لا نصفه الأجمل فقط. دعمه السخي واللامحدود للمرأة جعلها تعيد اكتشاف نفسها من جديد. هي الآن تعلم أكثر من أيّ وقت مضى أنها متميزة، متمكنة، ذكية، متعلمة، مستقلة، مؤثرة، مبدعة، قائدة، قادرة…والقائمة تطول. لقد رفع سقف توقعاتها وأمنياتها حتى تراءى لها بلوغ النجوم!
سألتني صديقة أجنبية مرة عن سر الحفاوة الباذخة التي تستقبله بها نساء وفتيات الإمارات في الجامعات والمستشفيات و حتى المراكز التجارية، فأجبتها: نحن نحبه لأنه يحبنا بصدق !
المرأة بالنسبة لهذه الشخصية الفذة ليست مجرد نصفٍ مكمّلٍ للرجل، بل هي كيانٌ قائمٌ بذاته يسير جنبًا إلى جنب معه. لها ما للرجل، وعليها ما عليه. مع هذه الشخصية، لم يعد للمرأة دورٌ مهم في المكان، بل هي أصبحت روح المكان.
شكرًا للأب المُلهم سمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم لتبنّيه قضايا المرأة ودعمه الدائم لها حتى أصبحت المرأة الإماراتية مثالاً حيًا ومشرقًا لما يمكن أن تحققه المرأة في أي زمان ومكان.
أخيرًا…
قبل عدة أشهر، قدّمت ورشة عمل في إحدى الدول الخليجية التي تمتاز بحضور ذكوري كثيف في سوق العمل مقابل غياب ملحوظ للمرأة. استقبلتني الجهة المنظمة والمشاركون في الورشة بحفاوة بالغة شعرت معها أني في بيتي الثاني. و لكن رغم جمال المكان وحفاوة الاستقبال، انتابني شعورٌ بالوحشة. كان شيءٌ ما ينقصنا، بل ينقص المكان و بشدة. كان صوتًا ما، حضورًا ما، ….. روحًا ما. كانت المرأة هي ما ينقص المكان.
خاص لـ ( الهتلان بوست )