كاتب مصري
رغم أن استخدام المرتزقة قديم قدم التاريخ، إلا أنه انتشر بشكل كبير وبات ظاهرة عامة بعد أحداث 11 سبتمبر عام 2001، حتى أصبح ظاهرة يتم التعامل معها بشكل شبه رسمي، حيث توجد شركات عالمية متعددة الجنسية منتجها هو جيوش من المرتزقة تجمعهم من كل أنحاء العالم وترسلهم، حسب الطلب، لأي مكان في العالم، وتحت مسميات تناسب كل مكان، مثل القاعدة والنصرة وداعش وغيرها من التي ترفع شعارات إسلامية، وفي دول أخرى بشعارات قومية ومتطرفة، لكنهم جميعاً يخدمون مصالح دول وجهات محددة في العالم.
في أوكرانيا استولت عصبة مدعومة علناً من واشنطن والأوروبيين على السلطة في كييف، عن طريق الانقلاب على السلطة الشرعية المنتخبة من الشعب. وهذه العصبة لا تنتمي بالعرق ولا الأصل أو الأرض للشعب الأوكراني، بل أتت من الجزء الغربي الذي استولى عليه الاتحاد السوفييتي من بولندا بعد الحرب العالمية الثانية، والذي لا يشكل سكانه أكثر من 8% من الشعب الأوكراني.
وكان من البديهي أن يثور الشعب في باقي أجزاء البلاد ضد هذه السلطة الانقلابية، واندلعت الاحتجاجات في كل المدن الأوكرانية، وعندما حاولت السلطة الجديدة قمع هذه الاحتجاجات فشلت فشلاً ذريعاً، لأن قوات الجيش والأمن الأوكراني رفضت استخدام القوة ضد الشعب، فما كان من الانقلابيين إلا أن استعانوا بالغرب الذي أرسل لهم جيوش المرتزقة لتقوم بالعملية العسكرية الدموية القذرة ضد الشعب الأوكراني.
وكان الرئيس المؤقت لأوكرانيا ألكسندر تورتشينوف قد رفض إسناد العملية الهجومية لوزير الداخلية أرسيني أكفاكوف، بحجة «إخفاق المرحلة الأولى من العملية العسكرية في تحقيق أهدافها».
لكن الحقيقة أن معظم أفراد قوات الأمن الأوكرانية رفضوا الهجوم على أبناء شعبهم، الأمر الذي اضطر السلطات إلى إسناد العملية لزعيم تنظيم «القطاع الأيمن» اليميني المتطرف، ديميتري ياروش، المعروف بتاريخه الإجرامي، والذي استعان بدوره بالمرتزقة الذين لم يترددوا في إضرام النار في مبنى يحتمي فيه المئات من النساء والأطفال، فمات منهم أكثر من خمسين فرداً اختناقاً وحرقاً، وشاهد العالم على اليوتيوب من يقفزون من نوافذ المبنى من طوابق عليا هرباً من النار، وحتى الآن لم يخرج تصريح واحد من واشنطن يدين هذه المذابح.
إنها جيوش المرتزقة الذين يقتلون المدنيين العزل بدم بارد، ولا يهمهم سوى المال الذي سيحصلون عليه، وهم المرتزقة الذين باتوا الأداة الرئيسية لتحقيق عالم الفوضى الخلاقة الأميركية، يستخدمون في بلاد المسلمين تحت أسماء وشعارات إسلامية، ويستخدمون في أماكن أخرى، مثل أوكرانيا، تحت شعارات أخرى تناسب المكان.. هنا يقاتلون ضد الأنظمة الحاكمة وهناك يقاتلون ضد الشعوب، حسبما تسير مصالح أميركا، لكنهم هم أنفسهم في كل مكان يظهرون فيه، ومن الشركات نفسها التي باتت تعتمد عليها واشنطن الاعتماد الأكبر في حروبها الخارجية.
المصدر: البيان