من المعروف أن الفقر المزمن والبطالة كانا لعقودٍ طويلة ولا يزالان المرادف الفعلي لمعظم الاقتصادات العربية. فبينما يقع
30-40 في المائة من سكان الدول العربية الغير منتجة للنفط في دائرة الفقر، تحرم البطالة أعداداً كبيرة من الشباب العرب من الحياة الكريمة والمنتجة.
ولذلك فمن الواضح أنه وفي غياب حلول مبتكرة وجريئة للتعامل مع هاتين المشكلتين، أو بشكل أدق، للعمل من أجل التنمية الاجتماعية الاقتصادية في مجتمعاتنا، سيستمر الفقر المزمن والبطالة بملاحقة الأجيال القادمة ووإحباطها كما فعلا مع الأجيال السابقة.
اليوم، ومع التغيرات الجذرية التي يشهدها العالم العربي، يجب علينا في القطاع الخاص التحرك الفوري، توظيف معارفنا وخبراتنا العميقة، استخدام مواردنا بالشكل الأمثل للمساهمة المحورية في تنمية منطقتنا وتنفيذ رؤيتنا وتطبيقها على أرض الواقع.
ولاشك أن القطاع الخاص جاهزٌ لهذا التحدي. فحتى قبل أن يصبح العام 2011 عاماً مفصلياً، كنا قد بدأنا بتبني مفهوم المواطنة للشركات، من خلال التفاعل مع فئات أوسع من المجتمع، وفهم المصالح المشتركة التي تربط أساس القطاع الخاص بأساس المجتمع. فقبل ما لا يزيد عن عشر سنوات، كان مفهوم المسؤولية الاجتماعية للشركات لا يزال غريباً في غالبية أنحاء العالم. أما اليوم، يمكننا القول أن المسؤولية الاجتماعية للشركات تلقى رواجاً كبيراً. فهناك عدد متزايد من الشركات تتبنى هذا المفهوم كجزء أساسي من سياساتها.
إلا أن معالجة العقبات العديدة التي تستمر باعتراضنا جميعاً، من مواطنين وشركات وحكومات على حدٍ سواء، أكثرها وضوحاً الفقر والبطالة بين الشباب، تفرض علينا توسيع النشاطات التي نقوم بها تحت مسمى المسؤولية الاجتماعية، وتجاوز حدودها التي رسمناها حتى اليوم. فنحن بحاجة إلى أفعالٍ جماعية ومشتركة، وإلى تحركٍ جدِّي ينجح في وضع القطاع الخاص في قلب التحرك الذي يسعى إلى بناء حياة أفضل لمجتمعاتنا.
ومن هذا المنطلق، أقدم لكم المفهوم الجديد الذي سيقود هذا التحرك: المسؤولية الريادية للشركات. حيث سيكون هذا المفهوم هو ما نرتكز عليه في تحركنا لحشد التأييد وتحفيز القطاع الخاص وتنظيم جهوده نحو بناء بيئة داعمة للريادة في مختلف أرجاء المنطقة. وستكون هذه البيئة المحفزة هي الأساس الذي تبنى عليه استراتيجيات التنمية في المنطقة، والمحور الذي ترتكز عليه الشراكات الجديدة بين القطاعين الخاص والعام.
قد يبدو هذا المفهوم الذي أطرحه شديد الجرأة للوهلة الأولى، ولكن لنأخذ بعين الاعتبار العوامل التالية: أشارت دراسة حديثة عن تطلعات الشباب العربي في المنطقة أن أعلى الأولويات لدى الشباب هي الحصول على دخل مرضي، وأن أكبر هاجس لديهم هو تكاليف الحياة. كما تدل جميع التحليلات التي تعنى بموضوع التحديات التي تواجه سوق العمل العربي على أنها مرتبطة إلى حد كبير بضعف الأنظمة التعليمية، والعبء الكبير على القطاع العام، واستثمارات عشوائية أدت إلى إضاعة الكثير من القدرات البشرية بدلاً من تغذيتها وتنميتها.
وتحديداً بسبب هذه الحقائق والتحديات، فإن الطريق اليوم ممهدة أكثر من أي وقت آخر أمام مفهوم المسؤولية الريادية للشركات. فالريادة اليوم هي أفضل مسار يمكن أن يسلكه الشباب لخلق فرصهم بأنفسهم وتزويدهم بمصدر دخل مضمون. إن الشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم، الرسمية منها وغير الرسمية، تمثل الحصة الأكبر من القطاع الخاص. ومن الجدير بالذكر أن هذه الشركات في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا تستوعب أكثر من 30% من القوة العاملة، إن أضفنا إلى ذلك الشركات غير الرسمية، سنجد أن النسبة سترتفع بشكلٍ واضح.
بالإضافة إلى ذلك، تسهم الشركات الناشئة في الدول النامية كما هو الحال في الولايات المتحدة الأمريكية في خلق غالبية فرص العمل الجديدة، كما في إطلاق المواهب والقدرات البشرية، لتنبثق عنها ثروات جديدة. ويبدو هذا الأثر جلياً في حالة مجموعتي جبار وسوق. عندما استحوذت شركة (Yahoo)على مكتوب دوت كوم، قام مؤسسوا هذا الموقع الذي يعد أكبر شبكة تجمع الكتروني عربي على الانترنت بتأسيس مجموعتي جبار وسوق، اللتان نجحتا في جمع استثمارات بقيمة 100 مليون دولار، وتأسيس ثمان شركات جديدة. وحسب سميح طوقان أحد مؤسسي مكتوب فأن المجموعتين توظفان حالياً 600 موظف، أي ضعف عدد موظفي مكتوب دوت كوم تقريباً.
ويعج العالم العربي بعدد كبير من الرواد ذوي الأفكار الخلاقة، والذي يحتاجون إلى الدعم والرعاية والإرشاد والتمويل. وقد تصدرت مؤسسات مثل إنديفر(Endeavor)، وومضة (Wamda)، وميدان (Meydan)، وأويسس 500 (Oasis500)، وفلات 6 لابز(Flat6Labs)، ونهضة المحروسة (Nahdet El Mahroosa) ، وشركتنا (Sherkitna) ، وإنجاز(Injaz) لهذه الاحتياجات، وهو ما يعكس الوعي المتزايد لدى القطاع الخاص بأهمية المساهمة التي يمكنه تقديمها لتسهيل خلق بيئة ريادية مزدهرة باستمرار.
نحن مؤهلون لإحداث فرقٍ كبير بما نملكه من أدوات. ويوضح برنامجي للعمل في “المسؤولية الريادية للشركات” عشرة مجالات تتطلب التركيز، وهي:
– التعليم
– التزويد برأس المال
– تقديم المعرفة – التوجيه
– ربط الرواد مع شبكات العلاقات
– التأييد، وحشد الجهود، والمناداة بتأسيس بيئة محفزة للريادة
– بناء قواعد بيانات لحصر المؤسسات الداعمة للريادة
– الإعلام
– الريادة الذاتية للشركات
– العمل والتعاقد مع الرواد
– بناء مجتمعات ومساحات مخصصة للشركات الناشئة.
ستكون الخيارات التي سأوضحها في برنامج العمل الذي سيصدر قريباً مصممة لتحفيز النقاش وتركيز الجهود وتشجيع طرح حلولٍ محلية.
من خلال مفهوم المسؤولية الريادية للشركات، أتوجه بندائي للقطاع الخاص لأخذ دور فعال ومحوري في بناء مستقبل أكثر شمولاً.
ويستطيع أي شخص، شركة، أو مؤسسة ترجمة المسؤولية الريادية للشركات من خلال إنشاء فرع محلي يحفز القطاع الخاص لتركيز جهوده على النواحي العشر التي أوردتها أعلاه.
ندعوا المهتمين للتسجيل على موقع ومضة، الذي سيقدم التوصيات والتعليمات للتنسيق بين مختلف الفروع المحلية.
التسجيل على الرابط التالي: http://www.wamda.com/page/cer
خاص لـ ( الهتلان بوست )