قالت المعارضة السورية اليوم (الثلثاء)، إن الخطوة التي اتخذها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بخفض عدد قواته في البلاد، يمكن أن تمهد الطريق لوضع نهاية للحرب التي بدأت قبل أكثر من خمس سنوات على رغم أن موسكو لم تبلغها بالقرار.
وقال الناطق باسم «الهيئة العليا للمفاوضات» المعارضة سالم المسلط للصحافيين، إن «سحب القوات يمكن أن يساعد في وضع نهاية لدكتاتورية بشار الأسد وجرائمه»، وأضاف أن «الانسحاب الروسي قد يكون له تداعيات بعيدة المدى على مسار الحرب في سورية، وأن ما أبقى الأسد في السلطة هو وجود القوات الروسية».
وتابع المسلط أن المطلب الرئيس لـ «الهيئة العليا للمفاوضات» عندما تبدأ المحادثات الرسمية الأولى في وقت لاحق اليوم مع مبعوث الأمم المتحدة الخاص ستيفان دي ميستورا، سيكون «تشكيل حكومة موقتة من دون وجود الأسد في إطار خريطة طريق ترعاها الأمم المتحدة».
وقال :«حرصنا أن تبدأ هذه المفاوضات اليوم… بمناقشة هيئة الحكم الانتقالي… لأنها ضمانة لكل السوريين بدلاً من أن تكون حكومة وحدة وطنية»، وتابع: «حكومة وحدة وطنية هي مثل الحكومة الحالية عبارة عن وزارات، لكن من يملك توجيههم وتعيينهم هو رأس النظام. هذا غير مقبول لدى السوريين».
ونقلت وكالة الإعلام الروسية عن المسلط قوله اليوم إن المعارضة «ليست ضد» المحادثات المباشرة مع وفد الحكومة السورية. ونسبت الوكالة إلى المسلط قوله: «لسنا ضد بدء محادثات مباشرة».
وكانت المعارضة السورية سارعت إلى الترحيب بالخطوة الروسية أمس، قائلة إن «الانسحاب الجاد سيضغط على السلطات السورية، ويعطي مفاوضات السلام قوة دفع إيجابية»،
وقال المسلط أمس، إنه «إذا كانت هناك جدية في تنفيذ الاتفاق فسيعطي ذلك دفعاً إيجابياً للتسوية، وسيشكل عنصراً أساسياً في الضغط على النظام، ما سيغير الأمور إلى حد كبير».
وفاجأت روسيا القوى العالمية أمس حين أعلنت أن «الجزء الأكبر» من قواتها في سورية سيبدأ الانسحاب.
وقال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف اليوم، إن روسيا ترى استعداداً من جانب الولايات المتحدة للتأثير على المعارضة السورية في مفاوضات جنيف للمشاركة في المفاوضات، وضمان تماسك وقف هش لإطلاق النار في سورية.
من جهة ثانية، نقلت وكالة الإعلام الروسية عن مستشارة الأسد بثينة شعبان قولها إن دمشق تتوقع أن تمارس الولايات المتحدة المزيد من الضغوط على من يعارضون حل الأزمة في سورية.
وأضافت أن انسحاب القوات الروسية من سورية بعد إعلان الرئيس الروسي الأمر أمس، «خطوة طبيعية» وأن دمشق ترحب بالتنسيق بين الولايات المتحدة وروسيا.
ورحّب محققو الأمم المتحدة من جهتهم، بـ«الانخفاض الكبير» في مستويات العنف في سورية، معتبرين أنه «للمرة الأولى» منذ بداية النزاع قبل خمسة أعوام «هناك أمل» بانتهاء الحرب في سورية.
وصرح باولو بينيرو رئيس لجنة التحقيق الدولية التابعة للأمم المتحدة الخاصة بسورية للصحافين في جنيف «الآن، للمرة الأولى، هناك أمل في انتهاء» الحرب.
وفي كلمة ألقاها أمام «مجلس حقوق الإنسان» التابع للأمم المتحدة في وقت سابق، رحب بينيرو باتفاق وقف الأعمال القتالية الجزئي في سورية الذي سمح لكثيرين بأن «يشعروا بالعودة إلى الوضع الطبيعي في حياتهم اليومية».
وقال: «وأخيراً هناك بصيص أمل في التوصل إلى سلام في سورية»، مضيفاً أن وقف إطلاق النار الذي توصلت إليه واشنطن وموسكو في 27 شباط (فبراير)، خلق أجواء مناسبة للمفاوضات التي انطلقت أمس في جنيف.
وقال بينيرو: «ندعو أطراف اتفاق وقف الأعمال القتالية إلى وقف جميع العمليات العسكرية حتى التي تجري على مستوى صغير».
وأكد بينيرو أنه لا يزال من غير الواضح ما سيكون عليه تأثير الانسحاب الروسي، مصرحاً للصحافيين «يجب أن ننتظر لنرى ما سيحدث خلال الأيام المقبلة». إلا أنه أشاد بإعلان بوتين وقال إنه يظهر «التزاماً واضحاً جداً… لدعم المفاوضات».
وعلى رغم «سروره» بالتطورات الإيجابية على الأرض، إلا أن بينيرو حذر من أن «انتهاكات خطيرة لا تزال ترتكب»، وقال: «الآلاف ما زالوا معتقلين ويتعرضون للتعذيب، والعديد يموتون في أماكن الاعتقال، وأعداد كبيرة من الناس ما زالوا مفقودين».
وأضاف أن متطرفي تنظيم «الدولة الإسلامية» (داعش) يواصلون تنفيذ التفجيرات الانتحارية في مناطق المدنيين.
وطالب المحققون مراراً بمحاسبة مرتكبي تلك الجرائم من خلال «إجراءات دولية أو محلية موثوقة».
وأكد بينيرو أن جهود محاسبة مرتكبي الجرائم لا يمكن أن تنتظر إلى حين التوصل إلى اتفاق سلام، بل يجب أن تبدأ «فوراً»، ودعا إلى «الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين الذين احتجزوا تعسفياً، وبينهم العديد من النساء والأطفال».
المصدر: جريدة الحياة