إعلامية ومهتمة بالشأن الثقافي
هذا هو الوصف الذي أطلقه عليها وزير خارجية النظام السوري بعد زيارته الأخيرة إلى موسكو. زيارة جاءت بعد أخرى تاريخية قام بها ولي ولي العهد السعودي سمو الأمير محمد بن سلمان، ويبدو أن تقارب موعد الزيارتين دفع بأقلام الكتاب والمحللين للحديث عما يطبخ سرا داخل المطبخ الروسي، حول مقاربة جديدة لحل الأزمة السورية.
فبعد سلسلة من المحادثات الفاشلة في جنيف تبعتها أخرى لا تقل فشلا في موسكو، يبدو أن الروس قد وجدوا في فزاعة تنظيم الدولة الإسلامية ما قد يدفع أطراف النزاع في سورية إلى التوحد والانضواء تحت مظلة تحالف يهدف للقضاء على طموحات “داعش” التوسعية داخل الأراضي السورية ودول الجوار.
هذا التحالف “المعجزة” سيضم بحسب دعوة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أربع عواصم إقليمية هي الرياض وأنقرة وعمان ودمشق، ويستثني بشكل يدعو إلى الريبة طهران، التي اعتبرت نفسها دوما اللاعب الرئيسي في الملف السوري، وساعدها في ذلك الموفد الدولي لحل الأزمة السورية ستيفان دي مي ستورا، كما فعلت أيضا موسكو نفسها طيلة سنوات الأزمة السورية، ولا ننسى الخطبة العصماء لوزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في مؤتمر جنيف مطلع العام الماضي وهو يتهم العالم بارتكاب خطأ فادح لعدم دعوة إيران للمشاركة في المؤتمر!
ورغم أن هذه المبادرة قد تصدرت مباحثات وزيري خارجية روسيا والولايات المتحدة مطلع هذا الأسبوع في فيينا، إلا أن موسكو تسعى إلى تحييد غريمتها الأزلية واشنطن من زعامة هذا التحالف، وهو أمر مفهوم بالنظر إلى صراع الأقطاب المستمر بين الطرفين منذ الحرب الباردة، ثم إن إخفاق الولايات المتحدة في قيادة التحالف الدولي ضد “داعش” منح الروس مبررا إضافيا لهذه الخطوة التي تتزامن أيضا مع تقارب أميركي إيراني بسبب المفاوضات النووية.
الواضح من الرسالة الروسية في استثناء طهران، أن موسكو ترغب في إنشاء تحالف يقوم على نسيج مذهبي واحد لمحاربة تنظيم الدولة الإسلامية وذلك لأسباب لا تتعلق بالطائفية، بقدر ما تتعلق بالخطر الذي بات يشكله هذا التنظيم على الأمن القومي للعديد من هذه الدول، كما أن موسكو وفي إطار تقاربها الاستراتيجي مع الرياض لا تريد استفزاز المملكة التي أوقفت التمدد الإيراني في اليمن.
لكن السؤال المطروح هو هل ستقبل الرياض الانضمام إلى هذا التحالف في ظل إصرار الروس على إبقاء بشار الأسد رئيساً للنظام في سورية ولو لمرحلة موقتة؟ الجواب هو طبعا لا، والأسباب ليست مجهولة، فالسعودية لن تقدم للأسد اعترافا بشرعيته على طبق من ذهب بعد كل تلك الجرائم التي ارتكبها بحق شعبه، وأكاد أجزم أن أنقرة تشاطر الرياض مواقفها، رغم مخاوفها من تمدد الأكراد على حدودها الجنوبية وسعيهم الدائم إلى تحقيق حلم دولتهم الكردية.
وفي هذا الإطار تحديدا يمكن فهم زيارة أحمد الجربا الرئيس السابق للائتلاف السوري المعارض، والمقرب من دوائر صنع القرار في العاصمة السعودية إلى موسكو قبل عدة أيام، زيارة لم يرشح عنها الكثير، لكنها تشير إلى أن الروس قد فهموا إشارات الرياض وحلفائها، وهي أن أي تحالف جديد يضم دمشق ضد “داعش”، يجب أن يمر عبر حل شامل للأزمة السورية دون بشار الأسد.
إذن الكرة الآن في ملعب موسكو، وكما يعلم الجميع، في لعبة السياسة لا صداقات دائمة ولا عداوات دائمة، فهل يتمكن الروس من إيجاد مقاربة مناسبة لتحقيق معجزتهم تلك؟ سؤال نترك للروس الإجابة عليه خلال الأيام أو ربما الأسابيع المقبلة.
المصدر: الوطن اون لاين