المكملات الغذائية.. هل هي مفيدة لخفض الوزن؟

منوعات

كلنا نعلم أن تقليل كمية السعرات الحرارية (كالوري) لطاقة الطعام اليومي الذي نتناوله، وزيادة مقدار بذلنا للجهد البدني في الحركة عبر ممارسة الرياضة اليومية، هما العنصران الأساسيان في نجاح عملية خفض وزن الجسم، وهو ما تضافرت الأدلة العلمية على إثباته، ولكن يبقى سؤال: هل ثمة عناصر أخرى، غذائية كانت أو على هيئة دوائية، على المرء الحرص على تناولها كي تساعده أيضا في خفض وزن جسمه؟ الجواب: نعم، هناك عدد من تلك العناصر التي يُسهم تناولها في خفض وزن الجسم.

إن مشكلة السمنة ومشكلة زيادة الوزن هما من المشكلات الصحية الشائعة، ولهما تأثيرات صحية سلبية قصيرة وبعيدة المدى، وتتسببان في التأثير على مستوى الثقة بالنفس لدى البعض، وخاصة السيدات، وتعرقلان كثيرا من المشاريع الطموحة لأي شخص يُعاني منهما في جوانب حياته الأسرية أو العملية أو الترفيهية. وبين غالبية شعوب العالم، تبلغ نسبة السمنة نحو 25 في المائة، أما زيادة الوزن فهي أكثر شيوعا.

* «مكملات خفض الوزن»

وكثير من أولئك المعانين من زيادة الوزن يُحاولون جهدهم خفض وزن الجسم لديهم، وإضافة إلى اتباعهم حميات متنوعة لخفضه، وذهابهم لممارسة رياضة المشي أو إلى النادي الرياضي، وثمة نسبة مهمة منهم تلجأ إلى عناصر ضمن قائمة المُكملات الغذائية diet supplements كي تتناولها للإسهام في خفض الوزن، كما يدّعي منتجوها إما عبر خفض الشهية لتناول الطعام decrease appetite أو منع امتصاص الأمعاء للشحوم block fat absorption، أو عبر زيادة نشاط ماكينة حرق الطاقة بالجسم increase metabolism. وتشير الإحصائيات في الولايات المتحدة إلى أن نحو 15 في المائة من عموم الناس يلجأون إلى تناولها، أي إننا نتحدث عن نحو 50 مليون إنسان هم بالفعل «زبائن» لاستهلاك تلك المنتجات. والسؤال التلقائي: ما هي العناصر تلك، وهل هي بالفعل كذلك مفيدة، وما منها ثابت الجدوى؟

حاليا، لا ينصح غالبية المتخصصين في التغذية وبالذات منهم الخبراء في خفض وزن الجسم، بالكثير من تلك المستحضرات التي يجري تسويقها كمستحضرات لخفض وزن الجسم، نظرا لعدم توفر أدلة علمية كافية لإثبات ذلك، أو نظرا لثبوت أضرارها الصحية مثل عقار إيفيدرا ephedra الذي قد يتسبب بنوبة الجلطة القلبية أو السكتة الدماغية وفق ما حذرت منه إدارة الغذاء والدواء الأميركية FDA منذ بضعة أعوام. إلا أنه في نفس الوقت هناك بعض المُكملات الغذائية التي ثبتت لها جدوى، وسنعرض بعضا منها مثل الكالسيوم، الألياف، مترافقة حمض لينوليك، الشاي الأخضر. الأمر المهم في شأن تناول المستحضرات الدوائية لأي منها هو استشارة الطبيب للتأكد من مناسبتها للحالة الصحية للمرء، والتأكد من عدم تعارضها مع أي أدوية أخرى قد يتناولها المرء بشكل منتظم أو حين الحاجة. والأمر الآخر المهم الذي يجدر عدم نسيانه هو أن في شأن خفض وزن الجسم ليس ثمة حلول سريعة تعمل بطريقة غامضة، بل الأساس هو تناول الأطعمة الصحية بكميات كافية لحاجة الجسم وممارسة النشاط البدني الرياضي، وذلك ضمن برنامج مرتب يتبعه أحدنا لضبط وزن جسمه ضمن المعدلات الطبيعية.

* الكالسيوم

حينما يُذكر الكالسيوم calcium، عادة يتجه التفكير نحو العظام وصحتها وقوتها، ذلك أن الكالسيوم أحد المعادن الأساسية في تكوين بنية أنسجة العظم، وكلما توفرت للجسم الكميات اللازمة منه بشكل يومي، اكتسبت العظام قوة وصحة. ولكن ثمة فائدة أخرى للكالسيوم، وهي عمله على تسهيل حرق الشحوم وزوالها دون التسبب بضعف كتلة العضلات في الجسم. نتائج كثير من الدراسات الطبية في هذا الشأن وجدت أن تناول ثلاث حصص غذائية من مشتقات الألبان القليلة الدسم مفيد في خفض وزن الجسم.

وتحديدا يُشير الناطق الرسمي لرابطة التغذية الأميركية، توبي سيميثصن، إلى أن خفض وزن الجسم عند تناول مشتقات الألبان هذه يكون أوضح مع الحرص على تناول الطعام الصحي، وليس بمجرد تناول حبوب دوائية تحتوي الكالسيوم. أي إن الفائدة تكون أفضل بتناول الكالسيوم من مصادره الطبيعية الصحية وليس على هيئة أقراص دوائية مركّزة للكالسيوم. ومع هذا، فإن تناول أقراص الكالسيوم لتزويد الجسم بحاجته اليومية منه مفيد أيضا في خفض وزن الجسم، ولاحظت إحدى الدراسات الطبية في نتائجها هذا الأمر، إذ وجد الباحثون أن النساء اللواتي يتناولن غراما واحدا من حبوب الكالسيوم كل يوم ينقص وزنهن وتقل كتلة الشحوم لديهن بشكل أكبر من النساء اللواتي لا يتناولن تلك الحبوب من الكالسيوم، وصحيح أن الدراسة لم تثبت حصول فرق كبير في نقص الوزن وكمية الشحوم إلا أنها لاحظت وجود تلك العلاقة الإيجابية وإن بنسبة غير كبيرة. وبالمحصلة فإن تناول مشتقات الألبان القليلة الدسم سلوك غذائي يزود الجسم بكميات مهمة من الكالسيوم والبروتينات وفيتامين «دي» وقائمة أخرى من المعادن والفيتامينات، وهو يُقدم للجسم طاقة كالوري منخفضة نسبيا مقارنة بأطعمة أخرى غير صحية، ويُقلل من الشعور بالجوع وارتفاع شهية تناول الطعام. ويبقى تناول حبوب الكالسيوم خاضعا لنصيحة الطبيب تلبية لاحتياج الجسم حال نقصه فيه وفق نتائج التحاليل أو تقييم كثافة العظم.

* الشاي الأخضر

الشاي الأخضر له سمعة عالية لغناه بالمواد الكيميائية الطبيعية المضادة للأكسدة antioxidants. وعادة شعوب شرقي آسيا تناول مشروب الشاي الأخضر غير الممزوج بالسكر بُعيد الفراغ من تناول وجبات الطعام كوسيلة لتخفيف تخمة ما بعد الأكل. وهناك بعض الدراسات الطبية التي لاحظت في نتائجها جدوى تناول الشاي الأخضر لخفض وزن الجسم وخفض امتصاص الأمعاء للدهون، إضافة إلى تزويد الجسم بكميات من المواد المضادة للأكسدة، كل هذا عند تناول مشروبه غير ممزوج بالسكر. ويُشير الباحثون الطبيون إلى بعض المواد الكيميائية الموجودة في الشاي الأخضر، مثل مواد كاتيشين catechins وثينانينtheanine والكافيين caffeine. واحتواء الشاي الأخضر على الكافيين مفيد لجهة خفض وزن الجسم، إذ لاحظت بعض الدراسات الطبية أن تناول الشاي الأخضر المنزوع الكافيين Decaffeinated لا يُفيد مثل مشروب الشاي الأخضر الطبيعي، على وزن الجسم.

وبالنسبة لحبوب مستخلص الشاي الأخضر، فثمة دراسات طبية لاحظت جدوى تناولها لخفض وزن الجسم وتقليل كمية الشحوم فيه، وتقليل سمنة البطن وخفض نسبة الكولسترول الضار في الدم.

* «مترافقة حمض لينوليك»

حمض لينوليك Linoleic Acid هو أحد أنواع الدهون المتوفرة بهيئة كيميائية كمستحضرات دوائية تُدعى «مترافقة حمض لينوليك» Conjugated Linoleic Acid (CLA) والتي ثمة ادعاءات حولها أنها قد تُفيد في خفض وزن الجسم. ومادة مترافقة حمض لينوليك تتوفر بهيئة طبيعية وبكميات ضئيلة في منتجات مشتقات الألبان واللحوم الحمراء. ووجدت بعض الدراسات الطبية أن تناول المستحضرات الدوائية لمترافقة حمض لينوليك ربما يُساعد في خفض وزن الجسم وخفض كتلة الشحوم بالجسم وزيادة حفظ شكل الجسم بهيئة متزنة ومتناسقة، وأن الذين تناولوا كمية تُعادل نحو 3 غرامات منها يوميا لمدة 6 أشهر فقدوا كمية أكبر من الشحوم في الجسم مقارنة بمنْ لم يتناولوها بتلك الصفة، وإضافة إلى ذلك لم يزد وزن جسمهم مقارنة بغيرهم في فصل الشتاء ومواسم الأعياد. وهذا الأمر هو من الأمور التي تحتاج إلى مزيد من الدراسات الطبية لتأكيد نفي أو إثبات جدوى تناول المستحضرات الدوائية المحتوية على المادة تلك، والأهم التأكد من أمان تناولها لتلك الفترات الطويلة من مصادر غير طبيعية غذائية، وخاصة مع وجود تحفظات لدى بعض الأطباء حول علاقة تناول تلك الكمية اليومية بارتفاع مؤشرات الالتهابات في الجسم.

* الألياف

الأطعمة الغنية بالألياف fiber الغذائية أحد العناصر التي تُقدم لنا الشعور السريع بالشبع وامتلاء البطن، شيء مفيد لخفض شهية تناول الطعام أثناء الوجبة الغذائية. ما تقوم الألياف به متعدد لجهة تنظيم عملية الأكل والهضم وخفض امتصاص الأمعاء للدهون والكولسترول والسكريات، ولذا فهي من الأمور الغذائية المفيدة. ويبطئ جود الألياف في المعدة من خروج الطعام من المعدة إلى الأمعاء، وبالتالي يُعطينا شعورا بالشبع ويبطئ من سرعة امتصاص الأمعاء للسكريات، أي إنها تمنع الارتفاع السريع في نسبة السكر بالدم بُعيد تناول الوجبة الغذائية.

كثيرة هي الدراسات الطبية التي أثبتت أن الحرص على تناول الأطعمة الغنية بالألياف يخفض من شعور السمينين بالجوع ويقلل من رغبتهم في تناول المزيد من الطعام، وذلك بالمقارنة مع من لا يحرصون على تناولها إما عبر الأغذية الغنية بها أو على هيئة مستحضرات دوائية. والحبوب والبقول أنواعها غنية بالألياف، كالعدس والفول والحمص والقمح والشوفان والكتان والبازلاء والفاصوليا وغيرها من الخيرات الغذائية المتوفرة. ومن المفيد جدا لعملها في تسهيل إخراج فضلات الطعام، الحرص على تناول كميات كافية من الماء. ووفق النصيحة الغذائية الطبية فإن على الرجال تناول كمية 38 غراما من الألياف يوميا، وبعد سن الخمسين عليهم تناول كمية 30 غراما يوميا منها. أما النساء فعليهن تناول 25 غراما من الألياف الغذائية يوميا، وبعد تجاوز سن الخمسين عليهن تناول 21 غراما يوميا منها. وتشير الإحصائيات إلى أن أكثر الناس لا يتناولون سوى نصف هذه الكمية، ولذا لا عجب في شعور كثير منهم بالجوع وزيادة الوزن وارتفاع الكولسترول وعدم انضباط نسبة سكر الدم وشكواهم من الإمساك وغيره.

د. عبير مبارك : استشارية في طب الباطنية – الشرق الأوسط