باحث إماراتي
يفصلنا شهران عن موعد الوصول إلى إطار سياسي يمهد بدوره للوصول إلى اتفاق شامل مع نهاية المهلة المحددة لمباحثات البرنامج النووي بين إيران ومجموعة 5+1 في يوليو القادم. وفي ظل القراءات المتباعدة بين الطرفين، تعتبر المدة المتبقية قصيرة، وهو ما يحتاج بدوره إلى تضافر الجهود ومزيد من اللقاءات.
نسير هنا مع القارئ لمعرفة مستجدات تلك المباحثات، وما هي تلك المزايدات التي لا يفتأ المسؤولون الإيرانيون يرددونها.
لعلنا بداية نستشف من تصريح وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، مدى استشعار الطرف الإيراني بضرورة حث الخطى واقتناص أي فرصة لتكثيف تلك اللقاءات مع الطرف الآخر بغية تذليل الصعاب. حيث قال إن لقاءه بكيري في جنيف يأتي لمعرفة مدى إمكانية تسريع اللقاءات للوصول إلى اتفاق نووي. هذا الأمر بدوره تجلى من خلال لقاءات متقاربة المدة بين المديرين السياسيين والفنيين من كلا الطرفين. جاءت بداية في جنيف تلتها لقاءات على هامش مؤتمر «دافوس»، وانتقل الأمر لاحقاً إلى العاصمة التركية اسطنبول على مستوى المديرين والسياسيين والفنيين.
يعود الفريقان من جديد على هامش مؤتمر ميونيخ الدولي لعقد جولة جديدة من تلك المباحثات قد تنتهي إلى لقاءات ثنائية بين إيران وعدد من مجموعة الـ5+1. حيث تأتي الجولة القادمة بوصفها الجولة الثالثة عشرة، والثالثة منذ تمديد المباحثات في 24 نوفمبر الماضي.
إذن فالخطى تتسارع والجهود حثيثة، وبالتالي يتساءل القارئ ما هي المحصلة؟
محادثات «جيدة»، «مثمرة»، «بناءة» توصيفات أُطلِقت في السابق على سير المباحثات بين الطرفين، ولكن انتهى المطاف إلى تمديد هذه المباحثات. يطالعنا كبير المفاوضين الإيرانيين هذه المرة بعبارة «موضوعية» في وصفه لجولة المباحثات الأخيرة. الرئيس الإيراني حسن روحاني وخلال جلسة رؤساء السلطات الثلاث في إيران صرح بأن «هناك فجوات وخلافات كثيرة في وجهات النظر غير أن هذه الخلافات قد تقلصت حالياً».
هذا الأمر بدوره يأخذنا إلى المزايدات التي يرددها النظام الإيراني، واعتبار أن الوصول إلى اتفاق نووي أمر ممكن بشرط، كما يقول ظريف، التوقف عن المزايدة والمطالب المُبالغ فيها، واحترام حقوق الشعب الإيراني. فهل توقفت تلك المزايدات؟
ربما حدث هذا الأمر وهو ما دفع بالرئيس الإيراني للقول إن «مسار المباحثات يتقدم للأمام في الإطار الذي حددته إيران». ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هنا هو: إذا كان الأمر كذلك فكيف يمكن أن نفسر ما قاله وزير الخارجية الأميركي جون كيري بأن هناك إمكانية للتوصل لاتفاق نووي ولكن هذا الأمل يقل، ويتراجع أكثر.
هذا الأمر يدفعنا إلى قراءة المنظور الإيراني ومطالبه في هذا الملف ومدى تقبل الطرف الآخر لتلك المطالب. ولعلنا نتحدث هنا عن مسألة التخصيب ورفع العقوبات وغيرها من المسائل التي يأتي بعضها أكثر يُسراً للوصول إلى تفاهمات فيها مثل مفاعل «آراك» وكيف تقدمت إيران باقتراح إجراء تعديلات فنية تساهم بالتالي في رفع التوجسات من استخدام البلوتينيوم. وتبقى الإشكالية الفعلية في مسألة عملية التخصيب ومستوياته والتباين بين منظور إيران وحاجتها من التخصيب ومنظور 5+1 في ذلك. ويأتي إلغاء العقوبات على أنه إشكالية أخرى تتباين فيها وجهات النظر بين إلغاء فوري للعقوبات وبين إلغاء تدريجي لها.
واقع الحال يقول إنه لا يمكن التوصل إلى اتفاق في حال استمرار تمسك كل طرف بمطالبه. وهو أمر يدركه الطرفان ويسعيان بدورهما للبحث عن مناطق تلاقٍ لردم تلك الفجوة. خاصة في ظل تصاعد نبرة «صقور» الطرفين وتهديدات بفرض عقوبات جديدة من قبل الكونجرس الأميركي، يقابلها توقيع 220 نائباً في البرلمان الإيراني على مطلب بالعودة إلى جميع الأنشطة النووية الإيرانية في حال فُرضت عقوبات جديدة.
احتفاظ إيران بعدد 190 ألف جهاز طرد مركزي أمر لا يمكن أن يدفع باتجاه الوصول إلى اتفاق كما ترى 5+1، وفي المقابل قبول إيران بضع مئات من أجهزة الطرد المركزي أمر يعارض الخطوط الحمراء التي رسمها المرشد.
وبين هذا وذلك تصبح المزايدات غير منطقية للطرفين ولكن من غير المنطقي كذلك أن تستمر الضبابية حول البرنامج النووي الإيراني. ويتلخص المطلب في أن يكون للشعب الإيراني الحق وكل الحق في الحصول على برنامج نووي سلمي، والحق كل الحق للمجتمع الدولي أن يضمن سلمية ذلك البرنامج ورفع الضبابية عنه.
فهل في ذلك مزايدة؟
المصدر: الاتحاد
http://www.alittihad.ae/wajhatdetails.php?id=83395