جاء إطلاق رؤية المملكة العربية السعودية 2030 حدثاً متميزاً، بل حدثاً غير عادي، في ظروف غير عادية، سواء على مستوى الخليج أو المنطقة أو العالم.

حملت هذه الرؤية الجديدة في ثناياها، آمالاً وطموحات كبيرة تليق بحجم المملكة الشقيقة ومكانتها الدينية والقومية وموقعها الجغرافي الهام وتاريخها الحضاري الفريد، هذه الميزات التي أدرك الأمير محمد بن سلمان ولي ولي العهد السعودي، باعتباره رئيس المجلس السياسي والاقتصادي أهميتها وكيف تصنع وتنصع معاً كميزات استراتيجية للمملكة.

هي الروح والتاريخ، ففيها مهبط الوحي، وقبلة المسلمين، والحرمان الشريفان. وهي مقصد لملايين المسلمين كل عام، وفيها قلب العروبة، ومن الجزيرة العربية ظهرت القبائل العربية الأصيلة وانتشرت في بقاع الأرض، وموقعها الجغرافي لا مثيل له في العالم، من حيث التوسط بين عدة قارات، والإشراف على أهم الممرات المائية في العالم.

أما عن تاريخها العريق، فمن أقصى الجنوب إلى أعالي الشمال، ومن الحجاز إلى نجد مواقع أثرية وتاريخية ضاربة في الأصالة والقدم، وشاهدة على حضارات عريقة، في دلالة واضحة على تميز هذا البلد الزاخر بهذه الإمكانات الهائلة والفريدة.

وقد أشار الأمير محمد بن سلمان في مقابلته الرائعة – مع الصديق الإعلامي البارز تركي الدخيل – يوم إطلاق الرؤية إلى هذه المزايا، ومواطن القوة، والإمكانات والموارد والفرص غير المستغلة لتحويل المملكة إلى قوة اقتصادية عالمية بما يليق بحجمها وقدراتها وطاقاتها الكامنة. وربما إشاراته المتكررة إلى أن النفط يجب ألا يكون مقدساً ومصدراً وحيداً للدخل، تبعث على الثقة بالتحول إلى استغلال تلك الفرص وتحويلها إلى استثمارات مجدية ذات عوائد هائلة.

ما لمسناه في إطلاق هذه الرؤية الجريئة أن هناك مرحلة جديدة تعيشها المملكة، تقودها إلى المستقبل الواعد بخطوات جادة وحازمة. ولعل ما تتميز به هذه الرؤية ارتكازها على مبادرات ومشاريع محددة، وربما كان الطرح الجزئي لشركة أرامكو للاكتتاب العام أهم تلك المبادرات. إضافة إلى تحديد برامج زمنية لتنفيذ برامج تلك الرؤية ومشاريعها، في دلالة واضحة على الثقة والالتزام بها من قيادة المملكة.

وما من شك أن عهد الملك سلمان بن عبدالعزيز الذي دخل عامه الثاني، تميز بقرارات تاريخية لتحقيق الاستقرار في المنطقة. وهو شرط أساس وضروري لإحداث أي تنمية في دول الخليج والجزيرة العربية، لذلك كانت قيادة السعودية للتحالف العربي لإرجاع الشرعية إلى اليمن، والوقوف بحزم ضد التدخلات الإيرانية لزعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة.

إيمان دولة الإمارات وسعادتها لرؤية دول الخليج والدول العربية تنطلق في مشاريعها التنموية كان حاضراً خلال الإعلان عن الرؤية السعودية، خاصة وأن الأمر تعلق بالشقيقة الكبرى. وقد تمثل ذلك الموقف في تفاعل دولة الإمارات الأخوي والفوري مع تلك الرؤية، وجاءت مباركة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، حيث قال سموه إن الفرح والتفاؤل برؤية السعودية هو فرح بمستقبل جديد لمنطقتنا وتفاؤل بتجديد حضاري لأمتنا العربية نحو استغلال أمثل لطاقاتها ومواردها وشبابها.

وكذلك وصف صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان الرؤية التنموية بأنها برنامج طموح من ملك الحزم ورجل القرارات التاريخية. هكذا أطلقت المملكة العربية السعودية رؤيتها واستراتيجيتها، وهكذا تفاعل معها المخلصون من أبناء هذه الأمة وقادتها. وهكذا جاء الرد السعودي مفحماً للألسنة والأقلام المشككة فيها وفي إنجازاتها.

المصدر: البيان