كاتب إماراتي
نحتاج إلى تشريع شجاع من قبل البلديات، أو إدارات الصحة، أو حتى برنامج الغذاء العالمي لمحاربة انتشار مطاعم المندي التي تتكاثر بسرعة غير مسبوقة في كل مربع سكني وكل منطقة صناعية، ولا أستبعد تأسيس سلسلة «فاست مندي» نراها قريباً في محطات البترول المحلية، تلك التي مازالت تعمل منها بالطبع!
المندي الذي كان هدية «حضرموت الأخيرة» للحضارة العالمية بعد العسل الدوعني وطقوس الغيّة وأبوبكر سالم بالطبع، عبارة عن وجبة صادمة للجهازين الهضمي والعصبي تتكون من المكونات التقليدية، إلا أنه يحرص فيها على أن «يندى» الشحم على اللحم بفعل الحرارة وباستخدام تكنيكات مختلفة، أما شطته فهي أمر آخر تماماً فهي بحسب صاحبي الحضرمي عبارة عن طماطم وفلفل وثوم وقليل من الليمون، تخلط جيداً ثم توضع في قدر آخر على النار إلى أن تكتسب شكلها الشهير!
وبحسب إحدى النشرات المتخصصة، فإن وجبة متوسطة من المندي تحتوي على 500 سعرة حرارية «تحتاج إلى أن تمشي ساعتين ونصف لحرقها»، كما تحوي تسعة أنواع من الدهون، منها نوعان مما يعرف بالدهون المشبعة، لا أعرف ما هي الدهون المشبعة حقيقة، ولكن اسمها لا يوحي بالراحة أبداً، بالإضافة إلى نسبة الكوليسترول 92٪، و65٪ كربوهيدرات بحسب موقع ويكيبيديا، وربما كان هناك خمسة غرامات يورانيوم، وغرامات عدة من الـ«تي أن تي».
دراسة بسيطة لو أنها أعدت بين الوضع الصحي للمقيمين في دولة الإمارات قبل عام 98، وهي الفترة التي بدأت مطاعم المندي تتكاثر فيها حولنا، وبعدها أعتقد أن الأرقام ستتحدث بمفردها، أقول هذا وأنا أطالع صورة فريق رياضي جميل كنت أشجعه في تلك الفترة، وكان «مكوشاً» على كل البطولات وأدعوكم الآن لمشاهدة منتسبيه في القهوة الشعبية بجوار بحيرة خالد، لتروا بأنفسكم أن داروين ربما لم يكن مخطئاً جداً، ولكن السلسلة تمشي بالعكس! قبل المندي لم تكن لتشاهد مراهقاً يتجاوز وزنه «ثلاث خانات»، أما الآن فقد أصبح الأمر عادياً في معظم المدارس!
أضف إلى ذلك أنك كلما دعوت أحدهم إلى العشاء أخبرك بأن عنده «دايت»، وطلب تلك الطلبات التي تشعرك بأن رجولته منقوصة: «فتوش، شوربة، سيزر زالاط!»، ولكن بمجرد نزول المندي أمامه تجد أن ملامحه قد تغيرت، وتشعر بأنه ينظر إلى الأمر كمن يناقش نفسه في قضية وطنية، وتحس مع نظراته بأنك تود وضع العلم خلفه، والبدء في ترديد النشيد الوطني، وبالطبع فالنهاية محسومة سلفاً، من باب قليل من الخمر لا يسكر!
نصيحة أهداها إليّ أحد الزملاء: لا تذهب إلى الجمعيات التعاونية ولا تكتب مقالاتك اليومية.
… وأنت جائع!
المصدر: الإمارات اليوم