اجتمع مفاوضون يمثلون أكثر من 190 دولة منذ الاثنين الماضي وحتى 12 من الشهر الجاري برعاية الأمم المتحدة والذي يهدف للتصدي لظاهرة التغير المناخي، حيث تعتبر هذه المحطة التفاوضية الأخيرة قبل مؤتمر باريس عام 2015 الذي من المؤمل أن يشهد التوصل لاتفاق عالمي حول التغير المناخي.
من جهة أخرى أعرب المفاوضون العرب خلال اجتماعهم مع وزير النفط المهندس علي النعيمي عن رغبتهم باتخاذ موقف منسق وموحد وأكثر قوة للتعبير عن وجهة نظرهم في صياغة إتفاقية فرنسا بعد إثني عشر شهراً من الآن.
وفي الطرف الآخر طلب الأمين العام للأمم المتحدة خلال اجتماعه بالنعيمي أمس الأول على هامش المؤتمر أن تدعم السعودية الصندوق الأخضر الذي يعنى بالدراسات والبحوث التي تتعلق بالحد من آثار الصناعات البترولية وانعكاسها على المناخ وظاهرة الاحتباس الحراري، وجاء الرد من النعيمي بأن المملكة لا يمكن أن تدعم أي توجه أو دراسة تؤثر على الاقتصاديات البترولية وتقدمها، أو تنعكس سلباً على الاقتصاد السعودي.
وأشار مندوب السعودية نيابة عن المجموعة العربية خلال سير جلسات المؤتمر إلى رغبة الدول النامية في تنويع اقتصادياتها وأكدوا على المسؤولية التاريخية للدول المتقدمة، كما أشاروا خلال جلسات التكيف على الحاجة إلى مناقشة التفاوت بين الدول النامية والدول المصنعة قبل التقدم إلى المواضيع الأخرى المتعلقة بالمناخ، مؤكدين نيابة عن الدول النامية متقاربة التفكير، ومندوب الأرجنتين على الحاجة إلى ربط التكيف بسبل التنفيذ بعد الإجماع على أي اتفاقيات، مقترحين أن يتم الإقرار بأن السياسات الفعالة للتكيّف والتخفيف سوف تعتمد على سياسات وإجراءات على مستويات متعددة وذلك تماشياً مع التقرير التجميعي للفريق الحكومي الدولي المعني بتغيّر المناخ.
وكانت المفاوضات قد حصلت على وعود في الشهرين من أكثر الدول إنتاجا للكربون بأنها تنوي تحديد انبعاثاتها الكربونية في السنوات ال10 أو ال15 المقبلة، وفي الطرف الآخر لم تتقدم أكثر الدول إنتاجاً للكربون باقتراحتها حتى الآن وهي روسيا والهند، حيث تأمل الحكومات بأن تطرح جميع الدول مقترحاتها قبل انعقاد مؤتمر باريس، وذلك لتجنب الفشل الذي انتهى إليه مؤتمر كوبنهاغن قبل خمس سنوات، حيث يهدف المجتمع الدولي إلى خفض إنبعاث الغازات التي تسبب الاحتباس الحراري -المتأتي أساسا من حرق الوقود الأحفوري- والتي يقول العلماء إنها تسبب ارتفاع درجات الحرارة على كوكب الأرض، الأمر الذي جعل التحدي الأكبر الذي يواجه العالم هو التوصل إلى صيغة لاقتسام العبئ بين الدول الغربية الغنية من جهة والاقتصادات الصاعدة مثل الصين والهند من جهة أخرى، ومساعدة الدول الفقيرة المعرضة للكوارث الطبيعية على حماية نفسها من ارتفاع مناسيب البحار والجفاف وغيرها من آثار الاحتباس الحراري، حيث يتلخص الهدف العام للمفاوضات في إبقاء نسبة ارتفاع درجات الحرارة أقل من درجتين مئويتين، ولكن بعض العلماء يقولون إن هذا الهدف أصبح غير واقعي، فدرجات الحرارة ارتفعت بالفعل بمعدل 0,8 درجة فيما تواصل الانبعاثات الكربونية ازديادها سنويا.
الأنقسام في المحادثات هو الشعار الأبرز حتى الآن
وأنقسم المفاوضون في محادثات للمناخ تابعة للأمم المتحدة في ليما بشأن ما إذا كان ينبغي على الحكومات وضع التزامات خاصة بالتمويل والتكيف بمقترحات وطنية للعمل من المقرر أن تتقدم بها مطلع العام المقبل لصياغة اتفاق عالمي جديد لمكافحة تغير المناخ، وترغب بعض الدول النامية، من بينها الدول الأفقر، في أن تكون جهود التكيف جزءا من الإسهامات، إذ تقول إن ذلك سيساعدها في تحديد احتياجاتها للتمويل والمساعدات الفنية.
وذكر تقرير جديد صادر عن برنامج البيئة التابع للأمم المتحدة أن تكلفة التكيف على تغير المناخ في الدول النامية ربما تزيد مرتين أو ثلاث مرات على الأقل عن التقديرات السابقة التي تراوحت بين 70 و100 مليار دولار سنويا بحلول عام 2050، حتى في ظل خطط طموحة لخفض الانبعاثات المسببة لظاهرة الاحتباس الحراري، لكن الاتحاد الأوروبي واليابان قالا، الجمعة، إنهما يرغبان في أن تركز المقترحات الوطنية فقط على الحد من الظاهرة، أي إجراءات تقليل الانبعاثات المسببة لها.
من جهة أخرى ذكر تقرير حديث صادر عن البنك الدولي أن الدول غير المتقدمة أو ما يعرف بالنامية مثل روسيا وتركيا والتشيك وبولندا والتي يتجاوز عدد سكانها 240 مليون نسمة، يبلغ مجموع صادراتها غير النفطية خمس أضعاف صادرات الوطن العربي مجتمعاً الأمر الذي يعطي إنعكاساً كبيراً من هذه الدول على الحالة المناخية وظاهرة الإحتباس الحراري، بينما ذكر التقرير نفسه أيضاً أن دول أمريكا اللاتينية مثل بوليفيا والبرازيل والمكسيك وتشيلي يبلغ مجوع صادراتها ثمانية أضعاف الدول العربية مجتمعة أي الدول العربية النفطية وغير النفطية.
المصدر: متابعة – محمد سعد – الرياض