الإمارات والإخوان: النهايات السعيدة – محمد خميس

أخبار

معظم الناس تعجبهم النهايات السعيدة في القصص التى يقرئونها أو في الأفلام التي يشاهدونها، لكن ما لا يلاحظه الناس هو ان تلك النهايات لا تعني بتاتاً النهاية، بل هي البداية بكل تجلياتها.

لا أحد منا يفكر ماذا سيحدث بعد ان تزوج البطل البطلة، أو بعد ان انتقم المظلوم من ظالميه، شعور الفرح والسعادة الذي يطغى علينا، بعد انتظار إنتصار البطل طوال مدة الفلم، يحجب عنا التفكير المنطقي، فربما بعد ان يتزوج البطل البطلة، يكتشف انها ليست المرأة التي أحبها، وانها تشبه جارتهم النكدية، النمامة، الثرثارة، الأنانية التى لا همَّ لها سوى هدر معاشه الذي يعمل هو جاهداً لتوفيره، أو ربما تكتشف البطلة ان البطل ليس سوى “جون دوان” عصره، وعيونه زايغة، وانه رجل خائن، ليس فيه ذرة رجولة.

وهذا ما يحدث تماماً الآن، مع الأحزاب الدينية السياسية، التى إنتخبها وانتصر لها الناس، فحينما فاز ممثلوا تلك الأحزاب، أعلنوا للعالم وتبجحوا، أن فوزهم جاء نتيجة لإرادة الشعب، واسهبوا في تحليل رغبة الشعوب العربية لهم، وان الحق يقف بجانبهم فكان لا بد من اكتساحهم للجميع.

بيد ان الأمر كله، لا يعدوا ان يكون أكثر من مجرد تعاطف، ورغبة جامحة لنهاية سعيدة، كانت الناس تتوق لها، فحينما نلصق صفة الدين على حزب سياسي ما، في مجتمع يشكل الدين فيه كل شيء، فحتماً سيتعاطف أغلب أفراد المجتمع مع الحزب، لأنه بالأساس يتعاطف مع الدين وليس مع الحزب.

إختيار المزج ما بين اللقب الديني مع السياسي، ينم عن دهاء وخبث سياسي، لا مكان للدين فيه، وينم عن فهم لعواطف المجتمع، فإما هو حزب سياسي، أو منظمة دينية أهدافها نشر الدين، وتنقيته من الشوائب الخاطئة التى علقت به، وفي حالة الخلط بين اللقبين، يكون ذلك تعمد و تلاعب واضحان في استجداء العاطفة الكامنة في قلوب الشعوب تجاه الدين، واللعب على أوتارها، وتبني شعار الغاية تبرر الوسيلة.

تلك الأحزاب عملت بإجتهاد منقطع نظير، على مر السنوات، وفق أجندة تأمن بها، وبات لها الأن قصة نجاح، تحاول ان تروجها على باقي الدول العربية، فطعم السلطة لذيذ، يمنح شعور بالنشوة والقوة، وطمع في التوسع، ولطالما ان الدين أنجحهم في المرة الأولى، فإنهم مستمرون في إستغلاله، أملاً في قيادة العالم الإسلامي، فهم لا يعترفون باية قصة نجاج في الدول التى لم يصلوا إليها، طالما انهم لا يحكمونها، لا يهمهم مدى التنمية الإجتماعية أو الإقتصادية أو أي تنمية تحت اية مسمى، ولا تهمهم التقارير الصادرة من المنظمات الدولية عن مؤشرات الرضى والسعادة لدى شعب ما، لأنهم يأمنون وبقوة، بأن نفس المؤشر سوف يرتفع بمجرد تواليهم أمور تلك الشعوب.

الظروف التى مرت بها تلك الأحزاب السياسية الدينية، في الفترة السابقة، بعد ان انكشفت أجندتها في الإستلاء على الحكم، ومحاربتها وزج أعضاءها في السجون، من قبل أنظمة دكتاتورية، مكروهة من قبل شعوبها من الأساس، مثلما ما حدث في مصر وتونس، دفع تلك الشعوب الى التعاطف معها، وتمنى انتصارها في يومٍ ما، تماماً كما تتعاطف الجماهير مع الأفلام، وخاصة ان المظلوم هذه المرة يحمل لواء الدين، وهذا ما يفسر كل ذلك الحماس، في إنتخابها، والإنتصار لها، وفي حالتهم تمثل الإنتصار، بمشاهدة تلك الشعوب، أعضاء الأحزاب الدينية، وهم يخرجون من السجن، ويتولون الحكم، ليتوجوا كل تلك الشحنات العاطفية، بالفرح والسعادة، لمساهمتهم في فوز المظلوم على الظالم، وهزيمة الظالم أشد هزيمة.

ذهاب معظم الأصوات لتلك الأحزاب، هي نهاية الفلم السعيد، ولحظة ظهور أسماء كل المشاركين في العمل، بعيدا عما سيحدث بعد إنتهاء الفلم وما سيتبع النهاية السعيدة، هو ربما ما سيصدمنا، عندما نكتشف كما اكتشفت البطلة بعد الزواج، ان أبطالنا اللذين إنتخبناهم، خائبين وعينوهم زايغة، ولا يعرفون غير تخييب أمالنا، ويخونوننا بإستمرار مع أعدائنا.

خاص لـ ( الهتلان بوست )