كان يمكن لبيتر هيغز، عالم الفيزياء البريطاني الحائز على جائزة نوبل، أن يكون أحد واضعي أكبر نظرية في الفيزياء، لكن ذهابه إلى النوم مبكرًا حرمه من تلك الفرصة النادرة.
ومن المفترض أن تكون نظرية الفيزياء الكبرى، التي يطلق عليها العلماء “نظرية كل شيء”- قادرة على تفسير جميع الظواهر الفيزيائية في الكون ونشأته، ولا يزال البحث فيها جاريا لمحاولة صياغتها.
وقال هيغز، في لقاء مع بي بي سي، إنه كان في أحد النقاشات العلمية عام 1960 مع مجموعة من الفيزيائيين لبحث أفكار قد توصل إلى “نظرية كل شيء” أو “النموذج القياسي”.
لكن المناقشة استمرت حتى الساعات الأولى من الصباح -بحسب هيغز- وهو ما دفعه إلى الذهاب للنوم، مما حرمه من رابط مهم بين ما توصل به في بحثه وبين أبحاث الآخرين.
وبعد ثلاث سنوات من الافتراض الذي توصل إليه عالم الفيزياء البريطاني بوجود “آلية هيغز” (وهي العملية التي تعطي كتلة للجسيمات الأولية)، تبين أن هذه الآلية تمثل النواة التي ترتكز عليها نظرية “النموذج القياسي”، وأنها تمثل عنصرا مهما في فهم أفضل الطرق لعمل الكون.
وتنبأت “آلية هيغز” بوجود الجسيمات أو “بوزونات هيغز”، التي اكتشفها العلماء أخيرا في المنظمة الأوروبية للأبحاث النووية عام 2012 بعد 50 عامًا من البحث.
نظرية غلاشو
وفاز كلٌ من هيغز وعالم الفيزياء البلجيكي فرانسوا إنغليرت بجائزة نوبل في الفيزياء في عام 2012 لجهودهما في الاكتشاف النظري لآلية تساهم في فهمنا لأصل كتلة الجسيمات.
وحاز علماء الفيزياء شيلي غلاشو وستيفن واينبرغ والباكستاني محمد عبد السلام على جائزة نوبل في عام 1979 لأفكارهم التي كان لها بالغ الأثر في وضع نظرية “النموذج القياسي”، وكان يمكن أن يكون هيغز واحدا منهم.
وقال هيغز: “أعتقد أنني فقدت شيئا ما نتيجة بعض الأسباب العرضية، أولها عندما قابلت عالم الفيزياء مالشيلي غلاشو في أول مدرسة صيفية متخصصة بالفيزياء في جامعات أسكتلندا عام 1960، كان البعض يناقش أفكارًا مثل التفاعلات الضعيفة والكهرومغناطيسة”.
وتابع: “لكنني لم أكن جزءا من هذا النقاش، وكنت عضوا في اللجنة وكان هناك عمل أقوم به، ولم أظل مستيقظا طوال الليل، ولم أعلم حينها شيئا عن نظرية غلاشو”.
وأضاف: “من الأسباب الأخرى، فشلي في مواكبة التطورات الفنية التي انبثقت من أبحاث غلاشو واينبرغ وعبد السلام، وعودتي إلى العمل النظري بشكل أكثر فاعلية خلال السبعينيات.”
انفصاله عن زوجته
وألقى هيغز باللائمة على أبحاثه في إفشال حياته الزوجية بسبب ضغوط العمل، لكن طرأ على شخصيته تغير في منتصف الستينيات من القرن الماضي عندما أدرك أن بحثه قد يكون ناجحًا.
وتعد هذه هي المرة الأولى التي يتحدث فيه هيغز علنا عن انفصاله عن زوجته عالمة اللغويات الأمريكية، جودي وليامسون.
وقال: “جزء من المشكلة هو اعتقاد زوجتي حينما تزوجنا بأنني شخص هادئ الطباع، إذ لم أكن كذلك في أبحاثي، لكنني كنت مرنا من حيث التكيف في حياتي الاجتماعية.”
وأضاف: “لم يتعامل أحد بجدية مع ما كنت أقوم به، ولذا لم يرغب أحد في العمل معي. كنت أعتقد أنني غريب الأطوار شيئا ما.”
وفي يوليو/ تموز عام 2012، أكد العلماء في مصادم الهدرونات الكبير في المختبر الأوروبي في سيرن بسويسرا، وجود الجسيم أو “بوزونات هيغز “، التي كان لها الأثر البالغ في فهم أصل كتلة الجسيمات، بعدها ذاع صيت بيتر هيغز .
المصدر: BBC Arabia