تحولت الجلسة الافتتاحية للدورة الـ148 لمجلس جامعة الدول العربية على مستوى وزراء الخارجية، إلى ما يشبه «جلسة تأديب» لوزير الشؤون الخارجية القطري، سلطان المريخي، نظراً لتطاوله على الدول الأربع الداعية لمكافحة الإرهاب خلال كلمته التي تغزّل فيها بإيران، ما استدعى رداً مصرياً سعودياً حاسماً على مزاعمه.
أحمد قطان: يقول (مندوب قطر) إن إيران، التي تتآمر على دول الخليج ولها شبكات جاسوسية في البحرين والكويت، دولة شريفة. هنيئاً لكم بإيران، وإن شاء الله عما قريب سوف تندمون على ذلك.
وفي التفاصيل، عقدت الدورة برئاسة وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي في جيبوتي محمود علي يوسف، خلفاً لنظيره وزير الشؤون الخارجية الجزائري عبدالقادر مساهل، ومشاركة وزراء الخارجية العرب ورؤساء الوفود المشاركة، وحضور الأمين العام للجامعة أحمد أبوالغيط.
وفي كلمة له خلال الجلسة الافتتاحية، قال أبوالغيط إن النظام العربي الذي تجسده هذه الجامعة يتأسس على قيم وقواعد راسخة مستقرة، أولها عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول، وعلى رأس تلك القواعد احترام السيادة.
وأوضح أبوالغيط أن هذه القواعد وتلك القيم هي عماد ذلك النظام وجوهر الرابطة بين دول المجلس الأعضاء، مشيراً إلى أن المنظومة العربية كلها تزدهر ويشتد عودها عندما تحترم قيم وقواعد النظام العربي، لأن الاستهانة بهذا النسق المستقر من القواعد والقيم تؤذي أمننا الجماعي، وتضعف لحمتنا وصورتنا أمام العالم.
من جانبه، أكد محمود علي يوسف أهمية بذل قصارى الجهد لتوحيد الكلمة ورص الصفوف في ظل الظروف التي تمر بها المنطقة.
وفي ما يتعلق بالتدخلات الإيرانية في الشؤون الداخلية للدول العربية، دعا في كلمته أمام المجلس إيران للكف عن تلك التدخلات وإنهاء احتلالها للجزر الإماراتية الثلاث، داعياً إلى تكثيف التعاون العربي والدولي لمحاربة التطرف والإرهاب وتجفيف منابع تمويله، واتباع استراتيجية شمولية للقضاء على العصابات الإرهابية للحفاظ على نسيج المجتمعات العربية.
وأكد عبدالقادر مساهل، ضرورة توحيد الجهود العربية والدولية لمواجهة آفة الإرهاب بلا هوادة من خلال استراتيجية موحدة شاملة ومتكاملة تهدف إلى القضاء على الإرهاب والفكر المتطرف الذي يسنده، وتجفيف منابع تمويله، لاسيما الأنشطة المرتبطة بالجريمة.
وكان وزير الدولة القطري للشؤون الخارجية آخر المتحدثين في قائمة الوزراء بالجلسة. وبعد أن فرغ الوزير القطري من إلقاء كلمته طلب رئيس وفد السعودية، السفير أحمد قطان، من رئيس الجلسة وزير خارجية جيبوتي الرد، إلا أن رئيس الجلسة طلب إنهاء الجلسة الافتتاحية وترك الردود للجلسة المغلقة.
لكن وزير الخارجية المصري سامح شكري أكد من جانبه ضرورة إتاحة الفرصة للرد في الجلسة المفتوحة، خصوصاً أن رئيس الوفد القطري تحدث في جلسة مفتوحة ولم تكن كلمته مجدولة ضمن قوائم المتحدثين.
ووصف شكري ما ورد في كلمة الوزير القطري بالتدني الأخلاقي الذي لا يليق في التحدث مع دول لها تاريخ في الحضارة الإنسانية، رافضاً بشدة ما ورد على لسان الوزير القطري.
وقال شكري إن هناك أدلة معروفة على تورط قطر في دعم الإرهاب في مصر.
واستقر الرأي في النهاية على استمرار فتح الجلسة للرد بعد إصرار ممثلي مصر والسعودية.
وتطور الأمر لمشادة بعد أن أعطى رئيس الجلسة الكلمة لرئيس وفد قطر مرة أخرى، ما أثار اعتراض ممثلي مصر والسعودية.
وأعلن وزير الخارجية المصري سامح شكري رفضه لما تضمنته كلمة وزير الشؤون الخارجية القطري، وقال شكري في تعقيبه على مداخلة الوزير القطري: «نحن لا نقبل بما تحدث به مندوب قطر ونعتبر كلامه خارجاً، لا يجب أن يثار، وأن أسلوبه غير مقبول. نعلم جميعاً التاريخ القطري في دعم الإرهاب وما تم توفيره لعناصر متطرفة وأموال في سورية واليمن وليبيا وفي مصر، وأدت إلى استشهاد العديد من أبناء مصر».
وأضاف: «نحن شعوب يمتد تاريخنا لسبعة آلاف سنة، وعندما نتكلم نتكلم عن حقائق وعندما نتصرف نتصرف بمسؤولية». وقال: «وسوف نستمر في الدفاع عن مصالحنا والدفاع عن مواطنينا واتخاذ كل الإجراءات التي تكفلها القوانين الدولية».
وكان السفير السعودي في مصر ومندوبها لدى جامعة الدول العربية، أحمد عبدالعزيز قطان، أكد أن الإجراءات التي اتخذتها السعودية والإمارات ومصر والبحرين ضد قطر هي إجراءات سيادية تمت بناء على السياسات الحالية للحكومة القطرية المستمرة منذ فترة طويلة، منها دعم الإرهاب واستضافتها للمتورطين في الإرهاب على أراضيها.
وقال قطان في كلمته، إن هذه المطالب أدت لتسليط الضوء على عدم التزام قطر بتعهداتها السابقة مثل اتفاقي الرياض عامي ٢٠١٣ و٢٠١٤ ولم تلتزم بهما قطر، ما فرض علينا اتخاذ هذه الإجراءات لمصلحة قطر ومصلحة شعوب المنطقة.
وبعد أن قال المريخي إن إيران دولة «شريفة»، رد قطان قائلاً: «يقول (مندوب قطر) إيران دولة شريفة! والله هذه أضحوكة». وأضاف: «إيران التي تتآمر على دول الخليج ولها شبكات جاسوسية في البحرين والكويت أصبحت دولة شريفة، والتي تحرق سفارة السعودية. هذا هو المنهج القطري الذي دأبت عليه». وقال: «هنيئاً لكم بإيران، وإن شاء الله عما قريب سوف تندمون على ذلك».
وتساءل: «كم دولة قطعت علاقتها بقطر وسحبت سفراءها وخفضت تمثيلها الدبلوماسي؟». وأضاف أن قطر وأدت أول أمل لانفراج أزمتها مع الدول العربية بعد الاتصال الهاتفي الذي قام به أمير دولة قطر تميم بن حمد بولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان؛ حيث حرفت قطر حقيقة الاتصال الذي جرى.
وأوضح أنها عززت حقيقة عدم رغبة قطر في الحوار وأن تعود للحضن الخليجي الدافئ بدلاً من أحضان إيران الباردة. وقال إن علاقة قطر بإيران ستكون نتيجتها الخراب والدمار، فالجميع يعلم دور إيران في الخليج، ولا توجد دولة استفادت من الاقتراب من إيران، وستثبت الأيام المقبلة عدم صحة هذا التوجه، وأجزم أن الشعب القطري لا يؤيد هذا التوجه.
وأكد قطان أن نجاح موسم الحج هذا العام جاء رداً على محاولات تسييس الحج ودعوات تدويل الأماكن المقدسة التي قامت بها قطر وإيران، مؤكداً أن هذه الدعوات تعتبرها المملكة بمثابة عمل عدواني وإعلان حرب عليها، مضيفاً: «وتحتفظ بلادي بحق الرد على أي طرف يعمل في هذا المجال».
كما حمّل وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية، الدكتور أنور قرقاش، قطر مسؤولية استمرار الأزمة القطرية، قائلاً إن الإجراءات التي اتخذتها دول الرباعي العربي ضد قطر جاءت بعد صبر طويل، وبعد اتفاقات وقعتها قطر وأخلت بها. وأضاف في كلمته أن قطر لابد أن تغير سياساتها، مطالباً إياها بالتوقف عن دعم الإرهاب والتدخل في الشؤون الداخلية للدول.
وقال قرقاش إن الرباعي العربي سيواصل إجراءاته إلى حين تغيير التوجه القطري، معتبراً في الوقت نفسه أن الحل ليس في التصعيد، ولكن من خلال الحوار والاستجابة للمطالب الـ١٣ التي قدمتها الدول الأربع.على صعيد آخر، دعا قرقاش إيران إلى حل سلمي لإنهاء احتلالها للجزر الإماراتية الثلاث، عبر الحوار المباشر والتحكيم الدولي.
كما أكد على ضرورة الحفاظ على وحدة اليمن واستقلاله، مبدياً دعم بلاده لإيجاد تسوية للأزمة اليمنية وفقاً لمخرجات المبادرة الخليجية والحوار الوطني وقرار الأمم المتحدة.
المصدر: الإمارات اليوم