كاتبة صحفية / صحيفة عكاظ
كان الحديث يطرح في فترات ماضية عن الوصولية الدعوية التي كان يمارسها بعض الدعاة في خطاباتهم للجماهير، ثم أخذت الشخصية الوصولية في اتخاذ مقاعدها أيضا في الحياة الثقافية والأدبية، ولعل ظروف التغيير ومتطلبات المرحلة التي نعيشها في هذه الفترة تبرز هذه الشخصية في الحوارات واللقاءات الإعلامية وغير ذلك من المنافذ التي تتبدى منها في كل حين، حيث إنها تفعل وتقول أي شيء من أجل الغايات والأهداف الشخصية فقط.
بعد أن أصبح الحديث عن الحقوق الإنسانية سلوكا اجتماعيا يأخذ مكانه في الحراك الاجتماعي والثقافي، نشزت بعض الأصوات التي تحابي ما تبقى من الضد في قضايا لا يُختَلف على ضرورة إصلاحها العقلاء فطريا وإنسانيا، غير أن هناك من يوضع في مكان يتحدث فيه عن شأن العامة ثم يختلف مع إنسانيته وضميره من أجل الشعبوية وتجميع الجماهير، وهي الوسيلة التي تستميل الجمهور لولائه باستغلال عواطفه والكذب عليه، فإن كانت الأيديولوجيا الثقافية لا تصنع من المثقف ذلك، إلا أنها تتيح له مساحة من الفرص التي لا يجد فيها العوائق.
حين يحضر المثقف الحقيقي في موقف يستوجب عليه إبداء الرأي فيه، فهو لا يقيس على ظروفه ومصالحه وأهدافه إنما يقدم المصلحة العامة ويتجاوز ذلك إلى تحييد رأيه الشخصي فيها الذي قد لا ينطبق مع طريقته في الحياة، فهو يمتلك المرونة الكافية لإقرار ما يتطلب فعله باعترافه بحق الآخرين وصولا إلى هدف العدالة الاجتماعية والمساواة في الحقوق والواجبات بين الناس، لكن الوصوليين يتغذون على تمزيق المبادئ والعلاقات الإنسانية بالتملق والكذب والنفاق الاجتماعي.
المصدر: عكاظ