في العيد الوطني، نحتفل نحن السعوديون عادة بماضينا. نوعا ما، هذه المناسبة تشبه إلى حد كبير عيد الشكر في الولايات المتحدة. ننظر إلى الدم والعرق والدموع التي تم التضحية بها في الماضي من أجل توحيد المملكة في عام 1932 … ثم نشكر الله لما أصبحت عليه هذه الأمة.
قد يقول بعض المتهكمين أن أي دولة تمتلك ثروة نفطية هائلة تستطيع تحقيق الامر ذاته. بطبيعة الحال، كل ما على هؤلاء الساخرين أن يفعلوه هو مجرد النظر إلى العراق وإيران، على سبيل المثال، وسيكتشفون أن حجتهم غير صحيحة.
في اليوم الوطني ، تنشر الصحف المحلية عادة قصصًا تذكّر الجمهور بالسبب الذي يحعلنا نفخر بماضينا. لكننا في صحيفة (عرب نيوز) قررنا أن نحتفل بهذه المناسبة بشكل مختلف هذه المرة.
في عام 2016، أعلن سمو الأمير محمد بن سلمان، ولي ولي العهد في ذلك الوقت، عن (رؤية المملكة العربية السعودية 2030)، التي وعدت بتخليص المملكة من اعتمادها على النفط من خلال إدخال إصلاحات اجتماعية واقتصادية، وسرعان ما برزت الرؤية كمخطط لمستقبل المملكة العربية السعودية.
لم يمض وقت طويل قبل أن نبدأ بالشعور بالتغيير. أخيراً أصبح لدينا قائد شاب يتحدث لغتنا، ويملك صلاحيات من والده الملك سلمان. لم يكن من الشائع أن يسمع السعوديون مصطلحات “مكتب إدارة المشاريع” و “مؤشرات الأداء الرئيسية” من قادتهم. ثم فجأة ، حصلت الشركات العالمية على تراخيص للعمل دون الحاجة إلى شريك سعودي. تم كبح سلطات هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر للمرة الأولى، وأصبح دورها مقصوراً إلى حد ما على دور دعوي.
تم إنشاء هيئة ترفيه حكومية وبدأنا – مثل أي بلد عادي – في إقامة حفلات موسيقية وعروض حية. على سبيل المثال ، سيتم الاحتفال باليوم الوطني لهذا العام بأداء خاص من فرقة (سيرك دو سوليه)، التي تزور السعودية لأول مرة.
في عام 2017، تم تعيين محمد بن سلمان ولياً للعهد؛ ومع صلاحيات أكبر، سارع الأمير محمد بن سلمان خطته الإصلاحية. قبل بضعة أشهر فقط، أعيد افتتاح دور السينما، وأنشئت وزارة الثقافة، وسُمح للمرأة بقيادة السيارات ودخول الملاعب الرياضية.
كما أطلقت رؤية 2030 العنان لإمكانيات المرأة السعودية: من المناصب الحكومية، إلى الرؤساء التنفيذيين ، لسائقات سيارات في (أوبر)، حيث لا يوجد خلاف على أن النساء يقدن الآن أكثر بكثير من مجرد السيارات.
وفي خطوة رمزية ، التقى الأمير محمد بن سلمان – الرجل الذي سيصبح خادم الحرمين الشريفين في يوم من الأيام – مع البابا القبطي في مصر، ورئيس أساقفة كانتربري في إنجلترا ومع القادة المسيحيين واليهود في الولايات المتحدة.
بالطبع ، مع التغيير تأتي مشاكل الانتقال النوعي. ولا شك في أنه لن يكون الجميع مرتاحين لهذه الإصلاحات السريعة والجذرية. فهل ستحقق الرؤية جميع أهدافها؟ بالتأكيد لا – لكن الفكرة هي محاولة ‘الوصول إلى النجوم’ على أي حال.
وغني عن القول أننا نحن السعوديين لم نتعود أبداً دفع ضريبة القيمة المضافة أو وجود فواتير خدمات غير مدعومة – وبالطبع ، كثير من الناس يفضلون أن لا يكون الأمر كذلك.
لكننا إذا أردنا أن نكون بلدًا طبيعيًا، فإن علينا أن نبدأ في التصرف على هذا الأساس. للمرة الأولى، نحن في السعودية نعتني بإنفاقنا، ونتوقف عن استخدام الأضواء غير الضرورية ونفكر في فواتير البنزين قبل أن نشتري سيارتنا التالية.
من المهم أيضا أن الحكومة أطلقت (أداء: المركز الوطني لقياس الأداء). في عدد الصحيفة اليوم، نجري مقابلة مع رئيس جهاز (أداء)، حسام مدني، الذي يقول لنا أن هدفهم ليس فقط مراقبة أداء الهيئات الحكومية ، بل السماح للمواطنين بأن يكون لهم رأي دائم في ذلك أيضًا.
في الوقت الذي يقوم فيه المسؤولون الحكوميون بمراجعة الأهداف والنواتج وتعديلها باستمرار، قررنا في صحيفة (عرب نيوز) تكريس تغطية اليوم الوطني اليوم لتخيل كيف يمكن للمملكة العربية السعودية أن تبدو في عام 2030.
ومع دخول الذكاء الاصطناعي والطاقة المتجددة وإتمام المشروعات الضخمة مثل مشروع (نيوم) وترميم المواقع التراثية القديمة مثل (العلا)، تصور صحفيونا مستقبل المملكة العربية السعودية – وهو يبدو مشرقاً.
ولهذا السبب، نحن فخورون أيضًا بتقديم (الطريق إلى 2030)، وهو قسمنا الجديد على الإنترنت المخصص لتتبع ونقل أخبار الإصلاحات السعودية ورؤية 2030.
على هذا النحو ، فإننا نحتفل اليوم بماضي المملكة وحاضرها … ومستقبلها
المصدر: عرب نيوز