كاتب و ناشر من دولة الإمارات
في مقولة إنسانية مميزة للخليفة عمر بن عبدالعزيز، يذكر أنه قال: «انثروا القمح على رؤوس الجبال، حتى لا يقال جاع طير في بلاد المسلمين». هكذا قيل عن الحيوان فما بالك عن البشر!
لهذه الجملة وقع مختلف وأعترف بأنها أوقعت في داخلي أشياء وأشياء، وأثارت أسئلة عن العطاء وأيضاً عن الأخذ، هناك من يعطي بمقابل وهناك من يعطي أيضاً بلا مقابل، قلوب سخرها الله للآخرين، أيادٍ تجزل في العطاء.. تعرف طريقها بصمت وصدق.
قد تكون الكلمات الطيبة قصيرة وسهلة النطق، غير أن صداها يتردد إلى غير المتناهي.. «غاري منهوك»
الأخذ والعطاء ليس في المال فقط، هناك من يحتاج لكلماتك، فهي بالنسبة له خريطة طريق.. وآخرون ينتظرون ابتساماتك ليبدأوا بها حياتهم، تعينهم على مآسيهم، تحرك فيهم ما قد انطفأ في لياليهم.
قدراتك على العطاء غير محدودة، أنت تملك الكثير لتعطي فلا تبخل بما تملك، كثير هم حولك بصمت ينتظرون، لكلماتك وقع مختلف.. قد تعلم ذلك وقد لا تعلم، أختيارك لمفرداتك يصنع الفارق لديهم، جود بحب بما تملك، أنثر عبير عطائك ولا تنتظر النتيجة! أو كما قيل سابقاً أعمل الخير وأرمه في البحر!
هناك أشياء المال لا يستطيع شراؤها
قبل أعوام انتشرت مادة إعلانية للبطاقة الائتمانية ماستر كارد بعنوان «لا تقدر بثمن»، وكان الإعلان يقوم على مبدأ الشراء، وأهم جملة فيه كانت «هناك أشياء المال لا يستطيع شراؤها». قد نتفق ونختلف في قوة وسطوة المال، وهل هو وسيلة أو غاية؟
للحظات ثمن وللسعادة أثمان، فكر معي؟
قد نستطيع شراء أشياء ولحظات، بلعبة صغيرة تشترى ابتسامة طفل وبسيارة ستخطف قلوب البعض وبوردة قد تشتري الإعجاب، هناك أشياء يخيل لك أنك عندما تشتريها تملكها. ذلك هو السراب، وإحدى أكبر مشاكلنا هي الأوهام التي تحيط بنا.
ما هو ثمن الحب والوقت والاحترام؟ هناك من هو مستعد ليدفع!
مكتبتك الكبيرة لن تشتري لك المعرفة وساعاتك الأنيقة لن ترجع ذلك الزمن الضائع.. هناك أشياء لا تشترى.. وكل الذي يشترى تنتهي قيمته يوماً ما دائماً نحن نعطي لأسباب ونشتري لأسباب مختلفة، هناك حاجات وصدق ومشاعر بينهما نحن من يحددها!
(نكسب عيشنا بما نأخذ ونبني عمرنا بما نعطي.. (تشرشل)
ونحن نلحق بقطار حياتنا، بصعوبة نتعلق به، وبجهد نركب في المقصورة الخلفية ننتظر محطتنا الأخيرة.. هذا الطريق الطويل القصير هو مشوار حياتك، هو أنت، لا يهم الآن كم رصيدك، فستتركه لغيرك. بعد حياتك، هناك أشياء تأخذها معك وأشياء تبقى.. تذكر حينها العطاء.
المصدر: جريدة الاتحاد