عدة أيام مضت على اختفاء المواطن السعودي جمال خاشقجي، ولم تستطع قناة الجزيرة أن تجيب على سؤالها: أين جمال؟ كل ما أشغلت فيه العالم هو مجرد تسريبات لتضليل الرأي العام الدولي، وأكثر من ذلك استنفار كامل لطاقمها ومراسليها في عواصم العالم الغربي لطرح سؤال اختفائه على أي مسؤول يحمل صفة اعتبارية، وكل الإجابات كانت افتراضية: في حال ثبت، أو عند التأكد، أو لحظة ظهور دلائل، أو عندما تصل التحقيقات إلى تورط..
هذه النوعية من الإجابات التي تجاوز بعضها الإساءة والتهجم والاتهام للسعودية لم تشكّل حتى الآن قاعدة ادعاء قانونية، ويبقى الانتظار سيد الموقف إلى أن تظهر الحقيقة من اللجنة السعودية – التركية المشكلة لذلك الغرض، والتي لاتزال متوقفة عند باب القنصلية، وهو الباب الذي تقف عنده الحقيقة ليس فقط من دخل أو خرج منه، ولكن أيضاً من كان ينتظر بجانبه ومعرفة دوره؟ وماذا كان يريد من جمال؟ وقبل ذلك من السعودية؟
قناة الجزيرة حشدت العالم عند باب القنصلية وتركتهم يخمّنون الحقيقة، ثم ذهبت تضغط على الحكومة التركية لمطالبتها بإعلان الحقيقة من طرف واحد حتى تنتهي القصة بدلاً من التسريبات الإعلامية التي لم تصل إلى نتيجة، وهذا التخبط الكبير في تغطية الجزيرة يثير شبهة كبرى؛ فلا الحقيقة ظهرت، ولا الأدلة اكتملت، ولا أحد لديه استعداد أن يكمل المسرحية وفق السيناريو القطري، حيث
لايزال الباب هو كلمة السر في قضية خاشقجي؛ فلا الجزيرة، ولا سي إن إن، ولا الواشنطن بوست، ولا نيويورك تايمز، ولا غيرهم قادرون أن يخرجوا الحقيقة إن استطاعوا إلاّ من هذا الباب، ولو استنطقوا العالم بأكمله، وحرّضوا القريب والبعيد، والحاسد والحاقد على السعودية.
السعودية واقفة على باب قنصليتها تدير معركة بالغة الحساسية مع عدة أطراف ستأخذ وقتاً طويلاً، وليس مجرد أزمة معقدة ستنتهي إلى حل قريب، وتقول للعالم: إن مواطنها خرج من هذا الباب، ومن يطالبها بالإثبات عليه أن يحضر إلى باب القنصلية، وينتظر إذن التفتيش؛ فإذا لم يجد جمال عليه أن يتحمّل مسؤولية اختفائه.
مشكلة قناة الجزيرة أنها تريد أن يتم كل شيء سريعاً.. الاتهام والحكم والعقوبة خلال أيام؛ وتسأل: لماذا لم تسمح السعودية للسلطات التركية بسرعة التفتيش؟، والجواب: لأنهم سيدخلون إلى قنصلية ذات سيادة وفيها أسرار ومحتويات حسّاسة وليس «محل خضار»؟، وتسأل مرة أخرى: لماذا لا تتعاون السعودية مع تركيا في تقديم ما لديها من أدلة ومعلومات؟، والجواب: حتى تنتظر ما لدى الأتراك من أدلة تثبت روايتكم المزعومة، وتسأل مجدداً: ألا تكفي التسجيلات الصوتية المسجلة على ساعة أبل التي كان يرتديها جمال؟، والجواب هذه المرة من الاستخبارات الأميركية التي تقول: مستحيل أن يكون التسجيل بالبلوتوث إلى جهاز جمال في الخارج بمقدار تلك المسافة!.. هل هناك أكاذيب أخرى للرد عليها؟!.
المصدر: الرياض