أعلن الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند أن بلاده تملك «بعض العناصر» التي تفيد باستخدام النظام السوري أسلحة كيماوية في شمال غربي البلاد على مقربة من الحدود اللبنانية ولكن من دون أن تملك «أدلة» على هذا الأمر، بينما أكد وزير خارجيته لوران فابيوس أن الهجمات كانت «موضعية وفتاكة».وردا على سؤال صحافي عما إذا كان صحيحا أن نظام الرئيس بشار الأسد لا يزال يستخدم أسلحة كيماوية، قال هولاند: «لدينا بعض العناصر (حول هذا الأمر)، ولكنني لا أملك الأدلة مما يعني أنه لا يمكنني تقديمها». وأضاف: «ما أعلمه أن هذا النظام أثبت فظاعة الوسائل التي يمكنه استخدامها وفي الوقت نفسه رفضه أي انتقال سياسي»، حسب ما أوردته وكالة الصحافة الفرنسية.
من جانبه، قال فابيوس: «وردتنا مؤشرات ينبغي التثبت منها تفيد بوقوع هجمات كيماوية أخيرا». وأوضح أن هذه الهجمات «أقل أهمية بكثير من الهجمات التي وقعت في دمشق قبل بضعة أشهر لكنها هجمات فتاكة للغاية وموضعية في شمال غربي البلاد على مقربة من لبنان»، في إشارة إلى وقوعها إما في حمص أو في القلمون خلال المعارك الدائرة رحاها هناك.
وقال مصدر فرنسي قريب من الملف إن «التقارير» حول هذه المعلومات «نابعة من عدة مصادر من بينها المعارضة السورية».
بدوره، أكد الدكتور بدر جاموس الأمين العام للائتلاف الوطني السوري المعارض، أن النظام السوري استخدم الأسلحة الكيماوية في أكثر من مكان في سوريا بالتزامن مع الإعلان عن تسليمه 80 في المائة من مخزونه منها. ولفت إلى أن الائتلاف «بعث أكثر من رسالة إلى مجلس الأمن الدولي يوثق جرائم النظام ويطلب إدانته وإيقاف جرائمه».
وفي إطار اتفاق روسي – أميركي في سبتمبر (أيلول) 2013 أتاح تجنب توجيه ضربة عسكرية أميركية لسوريا، التزمت دمشق بتدمير ترسانتها من الأسلحة الكيماوية قبل 30 يونيو (حزيران) المقبل.
وتابع هولاند في المقابلة، أمس، أن «فرنسا تسعى إلى أن تستعيد سوريا الحرية والديمقراطية. أردنا أن تدمر الأسلحة الكيماوية، ونبذل كل ما هو ممكن للسماح بـ(إجراء) مفاوضات لإفساح المجال أمام انتقال سياسي».
وجاء ذلك بالتزامن مع استقبال هولاند أربعة صحافيين فرنسيين احتجزوا كرهائن في سوريا لأكثر من عشرة أشهر بعد وصولهم أمس إلى قاعدة جوية في باريس.
وابتسم الصحافيون نيكولا إينان وبيير توريس وإدوار إلياس وديدييه فرنسوا بعد هبوطهم من طائرة هليكوبتر عسكرية في قاعدة فيلاكوبلاي الجوية جنوب غربي باريس. وقال فرنسوا، المراسل المخضرم في إذاعة «أوروبا 1»، في كلمة مرتجلة ألقاها بينما وقف إلى جواره الصحافيون الآخرون، والرئيس هولاند: «بالتأكيد تشعر بسعادة غامرة وراحة كبيرة عندما تكون حرا، تحت السماء التي لم نرها لفترة طويلة جدا، أن تتنفس الهواء المنعش وتمشي بحرية».
ولم تكشف السلطات الفرنسية عن الكثير من التفاصيل بشأن تحرير الصحافيين لكن وكالة «دوغان» التركية للأنباء ذكرت أن جماعة غير معروفة نقلتهم مساء الجمعة إلى الحدود الجنوبية الشرقية لتركيا حيث عثر عليهم جنود أتراك.
وأكد وزير الخارجية الفرنسي، الذي كان أيضا في استقبال الصحافيين، لقناة «اي تيليه» أن فرنسا لم تدفع فدية لكن سرية الإجراءات تمنعه من الإدلاء بالكثير من التفاصيل بشأن احتجازهم وإطلاق سراحهم. وأضاف: «فرنسا لا تتخلى أبدا عن أبنائها.. لا نكون متأكدين أبدا من أننا سنستعيد رهائننا».
وذكر فابيوس أن 20 رهينة آخرين من دول أخرى ما زالوا محتجزين في سوريا لكن لا يوجد فرنسيون بينهم. وقال: «خاطفو الرهائن إرهابيون ويتلقى الرهائن معاملة شديدة القسوة». وذكر أن الرهائن مكثوا تحت الأرض طوال فترة الاحتجاز.
من جانبه، قال الصحافي إينان إنهم لم يتلقوا معاملة جيدة «دائما» وإن خاطفيهم نقلوهم من مكان لآخر كثيرا. وأضاف إينان، الذي بدا متأثرا برؤية طفليه، أن أصعب ما في التجربة كان الابتعاد عن عائلته.
وفي مقابلة أجرتها معه شبكة «فرانس 24» الإخبارية كشف إينان بعض تفاصيل احتجازه ولا سيما محاولة الفرار التي قام بها بعد ثلاثة أيام على خطفه. وقال إن «الخطر الأكبر واجهته بعد ثلاثة أيام من خطفي لأنني هربت وقضيت الليل طليقا أتسكع في الريف السوري قبل أن يقبض عليّ الخاطفون مجددا».
وتابع مراسل مجلة «لو بوان»: «تنقلت بين عشرة مواقع احتجاز بالإجمال.. وفي معظم الوقت كنت مع أشخاص آخرين ولا سيما بيار توريس الذي سرعان ما انضم إليّ»، واصفا تجربته في الأسر بأنها «تسكع طويل من موقع احتجاز إلى آخر». وتابع قائلا: «إنني منهك، متعب حقا.. لكنني أشعر بفرح هائل»، مشيرا إلى أن خاطفيه كانوا «مجموعة تنتمي إلى حركة جهادية».
المصدر: باريس – لندن: «الشرق الأوسط»