كاتبة سعودية
في زمن الغرائب وتعطيل العقول، لن أستبعد أن يأتي يوم من الأيام ونسمع بفتوى من فتاوى الزمن العجيب، يزعم صاحبها ممن”يتمشيخون”في فضائياتنا بوجوب فرض الحجاب على الرجل الوسيم؛ لأنه “مُشتهى” بعد تحريم خلوة كل رجل معه!، لتتعالى بعد ذلك أصوات الخائفين من “المنكر” بضرورة وضع قسم ثالث في الجامعات والجهات الحكومية والمؤسسات الخاصة منعا للاختلاط مع “الوسيمين المُشتهين” بجانب القسمين المعتادين “الرجالي” و”النسائي”! و”يا دار ما دخلك شر”، وبالطبع بناء على ذلك يُوضع باب ثالث خاص لدخولهم وخروجهم خوفا من “فتنتهم” على زملائهم الفحول! ثم ينادى بضرورة تطبيق فتاوى “سد الذرائع” على كل “رجل وسيم” اتقاء الفتنة والخطيئة المتوقعة ممن “تقع في نفسه الشهوة” تجاهه، كأن يتم منعهم من قيادة السيارة وعدم سفرهم إلى الخارج أو ابتعاثهم إلا بوجود محرم خوفا عليهم أن يقعوا فريسة الذئاب من الفحول! إلخ.. هل أستطيع أن أقول أن ما ذكرتُه هنا “مهزلة”!
هي كذلك ولا تقل “كارثية” عما سمعناه من أحد الدعاة عبر حلقة “يا هلا” برنامج الزميل العزيز علي العلياني المميز والرائد في طرحه دائما، حين أعلن هذا الداعية بكل بساطة وجوب عدم خلوة الرجل مع الذكر الوسيم أو الأمرد!.
ففيما قاله عبر الحلقة “من وجد في نفسه شهوة فالمفترض ألا يخلو بالشاب الوسيم”! “لطفك يا لطيف”، وأخذ يذكر أن بعض أهل العلم قديما قالوا بذلك! ألا يعرف هذا وأمثاله أن كل شاذ لا يُقاس عليه! ألا يعقلون أمرهم وهم يُقلبون كتب التاريخ عبر مئات السنين ويبصرون فيها ما هو شاذ بألا يُقاس عليه ونحن في القرن الـ21! ألا يعلم أن من يجد في نفسه شهوة تجاه رجل وسيم فهذا يعني أنه مريض وخارج عن الفطرة التي فطرنا الله عليها، وأن عليه أن يُعالج نفسه، وإذا ارتكب فاحشة في حق “قاصر وسيم” فالقانون له بالمرصاد! ماذا يعني أن يقول بتحريم الخلوة؟ هذا يعني أن من فيه هذا الشذوذ يبقى على شذوذه، والحل تحريم الخلوة مع “الشاب الوسيم” وربما غدا يفرض الحجاب على الوسيم المُشتهى كما قال قبل ذلك بفرض الحجاب على الطفلة في سنواتها الأولى لأنها مُشتهاة!.
لا أعلم ماذا أقول، سوى أن هكذا فتاوى أضحكت علينا الناس وهي تُسيء إلى الإسلام الدين العظيم ولا تخدمه، فهؤلاء ضيقوه في خندق من تفكير سُفلي، فحرموا وأباحوا وأجازوا وكرهوا من هذه الزاوية وكأن الإسلام جاء لتهذيب هذه الغريزة فحسب! ومؤسف أن العالم صعد الفضاء ويفكر بإقامة حضارات فيه، ونحن محصورون في هكذا تفكير “سُفلي”! ولكن كما قال الله تعالى: “فإنها لا تَعمى الأبصار ولكن تَعمى القلوب التي في الصدور” والله المستعان.
المصدر: الوطن أون لاين