كاتب سعودي
أعلنت واشنطن أنّ فرق التحقيق التي تولت الكشف على أجزاء من الصاروخ المرسل من يمن الحوثيين إلى الرياض، كان صاروخاً إيرانياً، وعليه فقد ثبت الآن بما لا يدع مجالاً للشك أنّ هذه الدولة الكهنوتية التوسعية، تشارك بكل ما تملكه من قوة وأموال في زعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة.
هذا الإعلان الاتهامي يعني أنّ إيران ستكون هدف المجتمع الدولي في المستقبل المنظور، ولا أعتقد أنّ روسيا، التي تحالفت معها في سوريا، ستتحالف معها مرة أخرى في اليمن، وهذا ما يُفسر نقل البعثة الدبلوماسية الروسية من صنعاء، إلى الرياض، في مؤشر واضح إلى أنّ إيران والحوثيين سيواجهون التحالف الدولي الذي دعت إليه الولايات المتحدة منفردين.
الرئيس الأمريكي السابق أوباما كان قد أعطى الإيرانيين فرصة ذهبية، حينما وقع معهم الاتفاقية النووية، وكان رهانه – كما كان يُبرر – لكي يُمكِّن المعتدلين الذين كان يمثلهم الرئيس روحاني الفرصة، لترك الثورة والانتقال إلى الدولة، غير أنّ رهانه فشل فشلاً ذريعاً، واستمرت إيران في سياساتها لتصدير ثورتها إلى دول الجوار.
الآن يبدو أنّ الأمريكيين، أو على الأقل الرئيس ترامب، اقتنع أنّ استئناس الأفاعي ضرب من ضروب المستحيل. وجاء الإعلان عن الدعوة لإنشاء تحالف دولي ليؤكد أنّ هذا النظام الكهنوتي التوسعي، القادم من ثقافة القرون الوسطى الغابرة، لا ينفع معه إلا القوة والمواجهة، فلم يَعُد هناك ما يُبرر به دعاة إعطاء إيران الفرصة لانضمامها إلى المجتمع الدولي، فهذا النظام الكهنوتي لا حل إلا اقتلاعه، وحصاره، حتى يذبل ويموت، وتتخلص دول الجوار من طموحاته، وميليشياته، التي تنشر الخراب والدمار في المنطقة.
لكن السؤال : ما هي أهداف هذا التحالف الدولي المزمع إنشاؤه؟.. هل سيعمد إلى مواجهة إيران بالقوة العسكرية، أو فقط بالحصار الاقتصادي الذي سيجعل إيران تذعن لمطالب هذا التحالف، وتتخلى عن أذرعتها التخريبية في العراق وسوريا ولبنان واليمن؟
في تقديري أنّ دعم المملكة ومعها التحالف العربي في مناصرة الشرعية في اليمن، سيكون الخطوة الأولى، وهذا يعني أنّ هزيمة الحوثيين، وتطهير صنعاء منهم، سيكون الخطوة العملية الأولى لهذا التحالف، لا سيما وأن قوات التحالف العربي الموجودة الآن على الأرض في اليمن قطعت شوطاً كبيراً في هذه المهمة، وهناك بعض المعلومات الاستخباراتية التي ستوفرها الأقمار الصناعية من شأنها أن تختصر الزمن كثيراً لاقتحام صنعاء، كما أتوقع أن تشارك البحرية الأمريكية أيضاً بمراقبة الحديدة، وبعض دول الجوار اليمني، التي من خلالها يتم تهريب السلاح، وبالذات الصواريخ الإيرانية، إلى الحوثيين، ولهذا لن يكون أمام إيران والانقلابيين إلا الإذعان للسلام مع الحكومة الشرعية أو الفناء؛ بمعنى أنّ ملف الحوثيين على وشك أن يطوى مثلما طوي ملف داعش.
الشق الثاني من الإجراءات العقابية على إيران، سيكون في تقديري حصاراً اقتصادياً خانقاً؛ ومن يقرأ أوضاع إيران المهترئة من الداخل، سيصل إلى أنّ إيران لن تستطيع المقاومة، ودعك من الجعجعات العنترية؛ خاصة إذا ما أحكمت السلطات المصرفية الأمريكية حصارها بنكياً، ما يجعل قدرتها على المقاومة والصمود، لا يمكن أن يستمر طويلاً.
لدى إيران فقط التهديد بإلغاء الاتفاقية النووية مع الدول الكبرى، ولا أتوقع أنّ إيران ستعمد إلى هذا الخيار، لأنّ تهديداً كهذا سيعطي المجتمع الدولي الذريعة والسبب للتدخل بالقوة العسكرية، لمنع إيران من الوصول إلى السلاح النووي، فتجربة صدام مع أمريكا، يمكن في هذه الحالة أن تنتقل إلى إيران.
كل ما أريد أن أقوله هنا إنّ الإعلان عن نتائج التحقيق حول صواريخ الحوثيين المطلقة على الرياض، وغيرها من المدن السعودية، والتي استطاع السعوديون إسقاطها، وتجميع أجزائها، سيكون نقطة تحول تاريخية في مجريات الصراع بين المملكة ومعها دول الخليج من جهة، وإيران الملالي من الجهة الأخرى.
إلى اللقاء ..
المصدر: الجزيرة