كاتب - مستشار إعلامي
هناك صور إيجابية كثيرة من حولنا. لكن البعض يستغرقه الخوض في السلبي، حتى إنك تخشى أن تصيبك عدوى الإحباط. وهذه ظاهرة أتفهمها كثيرا من بعض الشباب المندفع، الذي يعيش فورة الحماس، ولكني أستنكرها من بعض شيبان “تويتر” الذين يعيشون تناقضات الماضي والحاضر، ومع ذلك يصر البعض منهم على أن تتلبسه صورة مخالفة لصورته في الواقع.
هؤلاء يتعاملون مع بعض الصور والأخبار، كما تتعامل الفتيات الصغيرات مع قصص ساندريلا. هم يقومون بتجميع صور مختلفة من هنا وهناك، ثم يعمدون إلى إعادة إنتاجها باعتبارها تمثل منتهى المنى والأمل. ولكنهم يخدعون أنفسهـــم، ويضحكـــون علـــــى سواهم. فلا يمكن أن تتحدث عن جزء من صورة في لندن وأخرى في باريس وثالثة في جنيف… إلخ. ثم تضع هذه الصور في باقة أمنياتك لمدينتك المتخيلة.
لا يمكن عقلا أن تثني على الأنهار وتتطلع إلى أن يكون لديك نهر يشق عباب هذه الصحراء.
هنــــاك أمنيــــات مجتـــزأة، يصوغها البعض باعتبارها تعكس مظهرا متقدما، لكنهم في واقع الحال لا يؤمنون بهذا الواقع ولا يمكن أن يمارسوه أبدا.
صحيح أنهـــــم لا يتوقفــون أبدا عن الثناء على هذه المدينة القريبة أو البعيدة. ولكن لو أعدت فتح الموضوع الذي يثني عليه مرة أخرى لوجدته لا يؤيد استيراد الفكرة. هو يثني على الظاهرة مجتزأة، ويرفضها عنـدمــــا تصــطبـــغ بالصبغة الاجتماعية المحلية.
والحقيقة أن بعض الأمور التي يثني عليها هذا أو ذاك ـ وقد تؤيدها شرائح مجتمعية كبيرة ـ لا تأتي منفصلة، وإنما تأتي ضمن حزمة متكاملة، إما أن تقبلها كلها أو ترفضها.
لكــــن النـاس في مجتمعنـــا أصبحـــوا يصفقــون للصـــور المجتـزأة، فتتحول المسألة إلى حالة أشبه بانفصام الشخصية. هو فقط يعطيك المظهر والمشهد الذي يراه، ويقوم بعمل فلترة كاملة لكل توابعه.
الديمقراطيــة مثــلا عنوان كبير، أكثر من يطالبون به لا يمكنهم أن يتعايشوا معه، باعتبارهم في الواقع طغاة صغارا في تعاملهم مع من حولهم. بل إن هناك عناوين أصغر، لا يمكنهم أن ينجحوا فيها. لننظر إلى مأزق الحوار، وكيف يتحول إلى همجية وشتائم لا تكاد تنتهي. الذي لا يتقن الحوار، لا يمكنه أن يتشدق بشعارات أكبر.
المصدر: الإقتصادية