قال رئيس الوزراء اليمني، الدكتور أحمد عبيد بن دغر، إن تحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة ميليشيا الحوثي والمخلوع علي صالح الانقلابية مرتبط بصدور قرار سياسي بهذا الشأن، ويصادق عليه المجتمع الدولي، مثمناً الجهود التي بذلتها وتبذلها قوات التحالف العربي بقيادة السعودية في تحرير المحافظات ودعم الجيش والمقاومة والشرعية في اليمن، وجهود الإمارات التي وصفها بالمتميزة، فيما أشاد محافظ عدن عيدروس الزبيدي، في الذكرى الأولى لتحرير عدن من الميليشيات التي توافق اليوم 27 من رمضان، بدور التحالف، وأكد على تميز الدور الإماراتي في الانتصار على الانقلاب.
وفي التفاصيل، حمّل بن دغر في لقاء مع عدد من الإعلاميين في مقر إقامته بقصر المعاشيق بالعاصمة المؤقتة عدن، أول من أمس، المجتمع الدولي مسؤولية انهيار الاقتصاد الوطني والعملة المحلية، لافتاً إلى أن المجتمع الدولي ضغط من أجل إبقاء البنك المركزي والجانب الاقتصادي في صنعاء، التي كانت تحت سيطرة الانقلابيين، وتعهد بإبقاء البنك المركزي محايداً في الصراع الدائر بالبلاد، مؤكدا أن الانقلابيين لم يلتزموا بهذا الأمر، واستنفدوا خزينة الدولة في تمويل عملياتهم العسكرية ضد المحافظات اليمنية، وعبثوا بالاحتياطي النقدي الذي استنفد بشكل شبه كامل ولم يتبق منه سوى مليار ريال، وهو الوديعة السعودية في البنك المركزي اليمني.
وأكد بن دغر، أن حل الأزمة اليمنية لن يكون إلا باتجاهين اثنين هما: الحل السياسي عبر مشاورات الكويت التي علقت أعمالها من دون تحقيق أي نتائج تذكر، أو عبر الحسم العسكري، لافتاً إلى أن الأخير مطروح بشكل قوي، خصوصاً بعد التعنت الذي أبداه الانقلابيون خلال مشاورات الكويت.
وكشف بن دغر عن تنازلات كبيرة قدمها وفد الحكومة اليمنية إلى مشاورات الكويت، وذلك في إطار جهود الحكومة الشرعية للخروج بحل سياسي يسهم في إيقاف الاقتتال ويعيد السلام إلى اليمن، موضحاً أن وفد الحكومة اليمنية رفض الحديث عن المسار السياسي أو تشكيل أي حكومة وطنية قبل سحب سلاح الميليشيات والانسحاب من المحافظات المحتلة وعودة الشرعية إلى صنعاء.
وأوضح أن وفد الحكومة اليمنية قدم خلال الـ70 يوماً الماضية من عمر المشاورات العديد من التنازلات، منها انسحاب الميليشيات الانقلابية من العاصمة صنعاء وذمار وتعز والحديدة وعمران إلى محافظة صعدة معقل جماعة الحوثي، وتشكيل قوة من الدول المحايدة التي لم تشارك في عمليات التحالف العربي، مثل الجزائر وإندونيسيا وغيرها من الدول الإسلامية والعربية تقوم بتسلم سلاح الميليشيات، ليتم بعدها استئناف العملية السياسية من حيث توقفت، مشدداً على اشتراط الحكومة الشرعية الانسحاب وتسليم السلاح قبل الحديث عن العملية السياسية.
وقال بن دغر إن وفد الحكومة رفض مناقشة أي نقاط تتحدث عن مستقبل الرئيس عبدربه منصور هادي، الذي اعتبره ممثل الشرعية اليمنية أمام المجتمع الدولي وصمام أمان وحدة البلاد، مضيفاً أن الانقلابيين رغم ذلك رفضوا كل هذه التنازلات واستمروا في تعنتهم.
وأشار إلى أنه في الوقت الذي تعاني المحافظات المحررة ضعف الإيرادات التي يورد معظمها إلى البنك المركزي، بحسب الاتفاق مع المجتمع الدولي، فإن الانقلابيين يرفضون صرف مرتبات الجنود النظاميين في الجيش، ويطالبونهم بالقتال في صفوفهم لصرف مرتباتهم.
كما تطرق رئيس الوزراء إلى قضية الخدمات في العاصمة المؤقتة عدن والمحافظات المحررة، خصوصاً الكهرباء التي شهدت خلال الأيام الماضية تدهوراً كبيراً جراء نفاد الوقود من ديزل ومازوت، مؤكداً أن الحكومة ستعمل كل ما تستطيع من أجل النهوض بوضع العاصمة عدن، وستظل فيها حتى تتمكن من ذلك، ولن تستلم لأي عراقيل تعترض سير عملها بهذا الجانب.
وأضاف أن الحكومة عقب عودتها في أول أيام شهر رمضان إلى عدن اطلعت عن كثب على وضع المدينة وخدماتها المتدهورة، وقامت إثر ذلك بإيفاد أربعة وزراء إلى السعودية والإمارات وقطر والكويت من أجل البحث عن دعم للحكومة يمكنها من القيام بواجباتها تجاه المدن المحررة، معلناً عن أنباء سارة ستشهدها المحافظات المحررة خلال الأيام المقبلة.
من ناحية أخرى، أشاد محافظ العاصمة اليمنية المؤقتة عدن اللواء عيدروس قاسم الزبيدي، بالدور الكبير الذي اضطلعت به قوات التحالف العربي بقيادة السعودية والإمارات، وأثمر بالتكامل مع دور المقاومة الجنوبية في تحقيق الانتصار على ميليشيات الحوثي والمخلوع صالح الانقلابية، منوهاً بتميز الدور الإماراتي بتواجد فرق هيئاتها ومؤسساتها الإنسانية على الأرض بعد أيام من تحقيق الانتصار، وذلك بهدف إعادة الأمل والحياة إلى المدينة التي تسببت الميليشيات الانقلابية في تدمير ما تبقى من بنيتها التحتية.
وقال اللواء الزبيدي في تصريح صحافي إلى «الإمارات اليوم» بهذه المناسبة، «إن العاصمة عدن كانت في مثل هذه الأيام على موعد للخلاص من سيطرة الميليشيات الغازية التي عبثت بمدنيتها وحضارتها، وخلفت وراءها الخراب والدمار»، مؤكداً أن ذلك لم يكن ليتحقق لولا تدخل دول التحالف العربي وإصرارها على إفشال مخطط القوى الانقلابية في السيطرة على هذه المدينة، التي مثل انتصارها انطلاقة لتحرير المحافظات المجاورة لها.
واعتبر الزبيدي تدخل دول التحالف العربي وإعلانها بدء عملية عاصفة الحزم ومن بعدها عملية إعادة الأمل، ضرورة ملحة وحتمية على الأشقاء لإنقاذ إخوانهم من عدوان الميليشيات الانقلابية، التي كانت تسعى إلى تحقيق أهداف وأغراض تخدم مصالح أعداء الأمتين العربية والإسلامية، وتسمح لهم بالسيطرة على ممر التجارة العالمية، واستمرار تهديد الأمن القومي العربي، مضيفاً أن التحالف العربي استطاع أن يضع حداً للتمدد الإيراني وأهدافه، وإسقاط مشروعه الذي حملته الميليشيات، ويهدف إلى خلق الاضطرابات في المنطقة وإبقائها في حالة انشغال دائم عن مهامها القومية والعربية.
وثمّن محافظ العاصمة عدن الجهود التي بذلتها الإمارات ممثلة في هيئة الهلال الأحمر الإماراتي، في سبيل تطبيع الحياة العامة وإعادة تأهيل وإصلاح قطاعي الكهرباء والمياه اللذين تضررا جراء عبث الانقلابيين، وإعادة هذه الخدمات بصورة سريعة، وبما يمكن النازحين من العودة إلى منازلهم، إلى جانب تأهيل وترميم المرافق الحكومية المختلفة، ودعم قطاعي الصحة والتعليم من خلال ترميم المستشفيات والمجمعات الصحية والمدارس، وتزويدها بأحدث الوسائل التي تمكنها من أداء مهامها بالشكل المطلوب، بالإضافة إلى دورها في إعادة تشغيل مطار عدن الدولي وميناء عدن، وكذلك توزيع المساعدات الإغاثية لمختلف الأسر المحتاجة والمتضررة والنازحين.
ولفت الزبيدي إلى أنه رغم الانتصار الذي تحقق في عدن والعديد من المحافظات على الميليشيات الانقلابية التي غادرتها مدحورة، فإن الحرب مازالت مستمرة مع خلايا تلك الميليشيات التي حرص المخلوع صالح على زراعتها منذ أكثر من 20 عاماً في مختلف المحافظات الجنوبية، لخلق حالة من الفوضى والانفلات الأمني، منوهاً بالانتصارات التي حققتها السلطات الأمنية في عدن بدعم وإسناد من قوات التحالف العربي، خصوصاً القوات المسلحة الإماراتية، على تلك الخلايا، وفرض سيطرة الدولة على مختلف مديريات محافظتي عدن ولحج، وضبطها للعشرات من تلك العناصر.
وأكد أن السلطات المحلية والأمنية وبدعم قوات التحالف العربي، ستواصل جهود مكافحة الإرهاب، الذي هو صنيعة نظام المخلوع علي صالح، حتى استئصاله بشكل كامل من العاصمة عدن ومختلف المحافظات المجاورة لها، وبما يؤدي إلى خلق بيئة مستقرة تسهم في الدفع بعجلة التنمية والاستثمار، الذي سينعكس بشكل إيجابي على المدينة وسكانها.
ويتوقع أن تشهد المحافظة بهذه المناسبة فعاليات احتفالية إلى ما بعد عيد الفطر المبارك، تنظمها فعاليات مجتمعية وشبابية بالتنسيق مع السلطة المحلية في المحافظة، وذلك للتعبير عن ابتهاجهم وفرحتهم بهذه المناسبة.
المصدر: الإمارات اليوم